بدأت قصة الباحث مولاي أرشيد المسعين، في قلب مدينة زاكورة مع الحياة تحت ظروف صعبة، فكل شيء حوله كان يشير إلى تحديات كبيرة، لكن ذلك لم يكن سوى بداية لمشوار طويل من التفوق والنجاح. وُلِد مولاي أرشيد في بيئة بسيطة، وكانت عائلته تعيش حياة مليئة بالكفاح من أجل توفير أبسط مقومات الحياة، لكن رغم كل الصعوبات، كان له حلم كبير: أن يصبح خبيرًا في مجال الميكانيك والهيدروليك، في عام 1998 مستوى باكالوريا انتقل الى معاهد التكنولوجيا التطبيقية وحصل على ديبلوم التأهيل صيانة السيارات، 1998/2000،ثم التقني المتخصص في صيانة الاليات الفلاحة 2000/2002 بالمعهد المتخصص للتكنولوجياالتطبيقية ISTA تارودانت، وتقني متخصص في التشخيص الميكانيكي2019.
عمل بجد واجتهاد ليحقق تميزًا واضحًا في مجال تخصصه حتى أصبح له مسار مهني وخبرة مهمة في سوق الشغل، في السنوات التالية، انتقل إلى التخصص في صيانة الآليات الفلاحية وآليات الحفر، ليواصل بناء قاعدة معرفية صلبة في هذا المجال الذي سيصبح شغفه مدى الحياة.
من التحدي إلى الريادة
وفي الوقت الذي كان فيه الشباب يواجهون تحديات كبيرة في دخول سوق العمل، لم يكن مولاي أرشيد استثناءً، ومع ذلك، فاجأ الجميع بعزيمته، في عام 2006، استفاد من برنامج “مقاولتي” الوطني الذي دعم الشباب الحاملين للشهادات العاطلين عن العمل، ليبدأ شركته ” UMTP”، الخاصة في مجال الصيانة، هذا التحول جعل منه واحدًا من أصغر المقاولين الشباب في المغرب، حيث بدأ حياته من الصفر، ليبني واحدة من أبرز شركات الصيانة في السوق الوطني.
لكن الطريق لم يكن سهلاً؛ فقد واجه العديد من الصعوبات التي كانت تزداد تعقيدًا مع مرور الوقت. وفاة والده في عام 2004 كانت ضربة موجعة، تركته في مواجهة تحديات الحياة بمفرده، ورغم الحزن العميق الذي عانى منه، لم يكسره الفقد، بل زاده قوة وإصرارًا على النجاح.
من الحلم إلى الواقع
بحلول عام 2016، كانت شركته قد بدأت تكتسب سمعة قوية في مجال الصيانة الصناعية، متخصصة في بيع قطع الغيار وتركيبها، إضافة إلى اختراعات مبتكرة لحل مشاكل الصيانة، ورغم تزايد المنافسة من الشركات الكبرى في المغرب، إلا أن مولاي أرشيد ظل يتفوق بفضل أسلوب عمله المبتكر ومهاراته المتخصصة.
وفي فترة ما بعد كورونا، التي شهدت تحولات كبيرة في الاقتصاد العالمي، استطاع الباحث مولاي أرشيد أن يستفيد من نظام التعليم عن بُعد، فحصل على الإجازة المهنية من المنظمة الدولية للدراسات المهنية في سويسرا عام 2021، ولكن طموحاته لم تتوقف عند هذا الحد، فالتسجيل في برنامج الماجستير المهني في إدارة المشاريع عام 2022 في الجامعة الدولية بالدار البيضاء كان خطوة مهمة في مسيرته نحو الريادة.
الدكتورة مها فؤاد والتوجيه العلمي
وفي خلال هذه الرحلة الشاقة نحو النجاح، كانت هناك لحظة فاصلة في حياة مولاي أرشيد، تلك اللحظة التي التقى فيها لأول مرة مع الدكتورة مها فؤاد، رئيسة أكاديمية بناة المستقبل الدولية، كانت كلماتها لها تأثير عميق في نفسه، إذ نصحته بعدم التراجع أو العودة إلى الوراء، بل أن يسعى دائمًا إلى الأمام، تلك الكلمات تركت أثرًا كبيرًا في حياته، وها هو اليوم يحقق نجاحات جديدة ويتابع تطوراته العلمية والمهنية من خلال أكاديمية بناة المستقبل الدولية.
وفي 2025، أتيحت له الفرصة للقاء بالدكتورة مها فؤاد مجددًا في الاجتماع الدوري للباحثين، الذي نظمته الأكاديمية في مدينة الدار البيضاء، وفي هذا اللقاء، لم يكن مولاي أرشيد مجرد طالب أو باحث، بل كان نموذجًا للكفاح والإصرار في عالم الأعمال والتعليم، حيث سجل نفسه الآن في برنامج الدكتوراه، تخصص إدارة الأعمال.
ليواصل مسيرته العلمية والعملية.
يعمل الباحث مولاي أرشيد المسعين على أبحاث علمية تساهم في تطوير استخدامات الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والهيدروليكية، وكذلك في الحفاظ على المنظومة البيئية وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، يواصل حلمه في الريادة، وهو الآن يسعى لجلب شركاء استراتيجيين سواء من القطاع الخاص أو بنوك استثمارية للمشاركة في بعض المشاريع الوطنية والإفريقية المستقبلية، بينما يعكف على تطوير شركته ” UMTP”لتكون أحد اللاعبين الرئيسيين في سوق الصيانة الصناعية في المغرب، إلا أن الدكتور مولاي أرشيد لا ينسى أبدًا أن النجاح لا يتحقق إلا بالعزيمة والمثابرة والعمل الجاد.