- This topic has 0 ردود, مشارك واحد, and was last updated قبل 5 سنوات، 4 أشهر by
admin.
-
الكاتبالمشاركات
-
9 أبريل، 2017 الساعة 12:45 م #10826
admin
مدير عامكيف نتحدي المنطق في بيئة العمل ؟
منذ أكثر من قرن مضى، أجرى العالمان ”روبرت يركيز“ و”جون دودسون“ عدة تجارب في محاولة منهما لاكتشاف حقيقتين: أولهما مدى سرعة تعلم الفئران، والثانية حدة الصدمات الكهربائية التي تحفزها وتزيد سرعتها في الأداء والتعلم. جاءت بعض النتائج مماثلة لما توقعه الجميع، بينما جاء بعضها الآخر مخالفًا للتوقعات!
عندما كانت الصدمة ضعيفة، لم تحفز الفئران بما يكفي فانخفض مستوى الأداء. وعندما زادت شدة الصدمة، ارتفع مستوى التحفيز والأداء أيضًا. وحتى الآن لم تخرج النتائج عن المتوقع وفقًا للعلاقة المنطقية بين مقدار التحفيز ومستوى الأداء. ولكن حين
وصلت شدة الصدمة إلى ذروتها؛ تراجع مستوى الأداء بشكل غير معقول! يعتقد الإنسان عادة بوجود علاقة طردية بين قوة الحافز
والقدرة على تحقيق مستوى أعلى من الأداء. فقد يبدو الأمر منطقيًا أنه كلما زاد تحفيزنا للقيام بأمر ما، بذلنا مزيدًا من الجهد لإنجازه، وبالطبع سيدفعنا هذا الجهد المضاعف خطوة أخرى نحو الأهداف المرجوة. امنح موظفيك مكافآت مالية ضخمة وستحصل على أعلى مستوى ممكن من الأداء! وربما يكون هذا المنطلق هو الدافع الرئيس وراء منح سماسرة الأوراق المالية والرؤساء التنفيذيين مكافآت خيالية! تدعونا هذه التجربة إلى التوقف لوهلة وتأمل حقيقة العلاقة بين المكافآت والتحفيز والأداء في سوق العمل، وسنجد التحفيز سلاحًا ذا حدين. فعلى الرغم من كونه أحد الدوافع القوية التي تحفزنا نحو مستويات أعلى من التعلم والأداء، إلا أن التحفيز قد يسبب ضغطًا شديدًا يعيق قدرتنا على التركيز وإتمام المهمات.
جوهر العمل
نحن ندرك بالفطرة جوهر العلاقة بين هوية الإنسان وكينونته، وبين وظيفته وعمله. فالأطفال يحددون وظائفهم المستقبلية المحتملة منذ نعومة أظفارهم وفقًا لشخصياتهم وما يودون أن يكونوا عليه – سواء اختاروا وظائفهم كمعلمين أو أطباء أو رجال إطفاء – لا وفقًا للرواتب الشهرية! إذ تمثل الوظيفة جزءًا من هويتنا وشخصيتنا، لأنها ليست مجرد وسيلة لكسب العيش. لكن النموذج الاقتصادي في إدارة الأعمال – رغم وعيه بهذه العلاقة الوثيقة – ما زال يعامل الموظفين كما لو أنهم فئران في متاهة! ولهذا يتحول العمل إلى مهمات تثير الضجر حين تبحث الفئران عن قطعة الجبن – أو المال – بأقل جهد ممكن لكي تخلد أطول فترة ممكنة للراحة والهدوء. من ناحية أخرى، يعد ”تفتيت المهمات“ أحد أهم المخاطر التي تواجهها الأعمال القائمة على التكنولوجيا. حيث تتيح تكنولوجيا المعلومات تقسيم المهمات الكبرى إلى مهمات صغيرة ومنفصلة بحيث يصبح كل فرد مسؤولاً عن جزء صغير من المهمة الكبيرة، فتحرم الشركات موظفيها من رؤية الصورة كاملة ومن متعة الشعور بالإنجاز والنجاح المتكامل. قد تجدي هذه الطريقة نفعًا لو كان الموظف إنسانًا آليًا! ولكن نظرًا لأهمية الدافع الداخلي كوقود للإنتاج والأداء العالي، فقد تأتي هذه الطريقة بنتائج عكسية. فمع انعدام الهدف والمعنى، يتحول الموظف إلى ”شارلي شابلن“ في فيلم ”مودرن تايمز“؛ يجري وسط تروس وعجلات الآلات في المصنع ويفقد الرغبة في تكريس كل طاقته وجهده في العمل.
إذا نظرنا إلى سوق العمل من هذا المنطلق، فسوف نرى الأساليب التي تتبعها الشركات والتي تقتل الحافز في موظفيها دون إدراك منها. فإذا ما أرادت الشركات حقًا أن تحصل على أعلى قدر من الإنتاجية، فلابد من غرس الإحساس بالقيمة لدى الموظفين من خلال تعزيز الشعور بالإنجاز والنجاح لديهم وتقدير العمل الجيد. وتؤثر هذه العوامل بدورها على الكفاءة والسعادة والشعور بالرضا في نهاية المطاف.
لم نغالي في تقدير إنجازاتنا ؟
التفاخر بالذات والممتلكات من طبيعة البشر. فعندما تعد وجبة أو تصنع رفًا للكتب تبتسم والفخر يملأ عينيك قائلاً: ”كم أنا فخور بما أنجزت!“ فلماذا نشعر بالفخر في بعض المواقف، ولا نشعر به في أخرى؟
أثبتت الدراسات أن الزيادة في المجهود تقابلها زيادة في التقييم في شتى المجالات. في إحدى التجارب القائمة على فن ”الأوريغامي“ الياباني، خصصنا حجرة في مبنى الطلاب في جامعة ”هارفارد“ وعرضنا على كل مشارك في التجربة أن يصمم طائر الكركي أو ضفدعًا أوريغاميًا. أخبرناهم بأن تصميماتهم ستصبح ملكًا لنا، ولكن سيمنح كل منهم فرصة للمزايدة على منتجه وشرائه في مزاد علني.
وسيكون الطرف الآخر في المزاد برنامج كمبيوتر؛ حيث ينطق الجهاز رقمًا عشوائيًا بعد أن يقول المتسابق رقمه أولاً. إذا زاد مبلغ المتسابق عما عرضه الكمبيوتر، يحصل الطالب على تصميمه ويدفع السعر الذي حدده الكمبيوتر. أما إذا كان أقل، فلن يأخذ تصميمه ولا يدفع قرشًا واحدًا. وقد وضعنا هذا الشرط لكي يعرف المتسابق أن عليه أن يعرض أكبر مبلغ يستطيع أن يدفعه مقابل منتجه.
كان الطالب ”سكوت“ من أوائل المتقدمين إلى المسابقة. فقد اتبع التعليمات بدقة واختار أن يكون منتجه الضفدع الأوريغامي. وعندما سُئل عن المبلغ الذي سيدفعه مقابل الضفدع قال بكل حسم ”خمسة وعشرون سنتًا“. بعد ذلك سألنا طالبًا محايدًا لم
يشارك في التصميم: ”كم تدفع مقابل هذا الضفدع؟“ تفحص الطالب المنتج جيدًا ثم قال دون تردد ”خمسة سنتات“. فهناك فرق شاسع بين مقدار التقييم في الحالتين! فلم ير ”غير المبدع“ وهو الطالب الذي لم يصمم سوى كومة من الورق، أما المبدع ذاته، فقد أضفى على الورق قيمة إضافية من وجهة نظره. فالفرق بين الحالتين لا يكمن في كيفية رؤيتهما لفن الأوريغامي بشكل عام، وإنما في الطريقة التي أحب بها ”المبدع“ منتجه فبالغ في تقييمه.
التخصيص والجهد والحب
مع بزوغ فجر صناعة السيارات، تهكم ”هنري فورد“ قائلاً إنه من حق أي عميل الحصول على السيارة التي يريدها طالما أنها سوداء! هذا لأن طلاء كل السيارات بلون موحد يعني انخفاض تكاليف التصنيع مما يعني زيادة المبيعات والأرباح. ولكننا نجد في هذه الأيام ملايين المنتجات التي تناسب كل الأذواق. فقد أتاح المصنعون الفرصة للعملاء كي يحصلوا على المنتج الذي يناسب أذواقهم، بفضل تطورات تقنيات الاتصال والأتمتة وخطوط الإنتاج.
بمقدورك الآن أن تختار طراز الحذاء الذي تود شراءه، والخامة التي يصنع منها واللون وهكذا. فلم يعد الأمر متعلقًا بالحصول على المنتج، بل باقتناء منتج خاص ومفصل على ذوقك ليناسب تطلعاتك.
لا يعني هذا بالضرورة أن تحول الشركات خطط إنتاجها بحيث يصبح العميل هو المسؤول عن تصميم وتصنيع منتجه. فثمة خيط رفيع بين التواكل أو الاستسهال، وبين الاستثمار. فإذا أردت أن تتخلص من عميلك ببساطة متناهية، فما عليك سوى أن تجعله يبذل مزيدًا من الجهد ليحصل على منتجك! فالجهد الذي تبذله أنت من جانبك يعني جهدًا أقل من جانب العميل، وعلاقة أقوى بينه وبين المنتج.
فالأمر برمته يتوقف على أهمية المهمة وعلى الجهد المبذول في تصنيع المنتج. وبمجرد أن تتوصل الشركات إلى إدراك المعنى الحقيقي للتخصيص أو ”التفصيل“، فستعمل جاهدة على تصنيع المنتجات التي تعبر عن تطلعات العميل قدر الإمكان وبالتالي
تحقيق أكبر قدر من السعادة والمتعة له.
هذا الحل هو الأفضل لأنه من بنات أفكاري
يمتد اهتمامنا وتقديرنا المبالغ فيه لإبداعاتنا ومنتجاتنا ليشمل الأفكار أيضًا. ولا يقتصر هذا التحيز على التجارب الفردية. فالشركات تميل لخلق ثقافات تتمركز حول معتقداتها الخاصة، ولغتها، ونهجها، ومنتجاتها. وخضوعًا لهذا القهر الثقافي، يضطر الموظفون – رغمًا عنهم – إلى قبول الأفكار المصنعة والمطورة ”داخليًا“ – أي داخل الشركة – على أنها أفضل وأكثر نفعًا من نظيراتها المصنعة لدى المنافسين. ومن ثم، فإن نفس النزعة تجاه منتجاتنا وإبداعاتنا الخاصة تتكرر تجاه أفكارنا أيضًا. فلأنك مبدع الفكرة، ينشأ بداخلك ذلك الاقتناع الفطري بأنها أهم من أفكار الآخرين، وهذا ما يعرف بعقلية ”صنع بالخارج“! وكغيرها من مظاهر طبيعتنا المثيرة للجدل، فإن هذا الهاجس الداخلي للمبالغة في التقييم هو سلاح ذو حدين. وعليك هنا أن تستفيد من هذا الميل الغريزي للاهتمام بأفكارك، وأن تحاول التخلص من تحيزاتك قدر الإمكان.
سر بحثنا عن العدالة
السعي للانتقام غريزة بشرية تحقق لنا شعورًا بالسعادة والراحة، وهو من أكثر الغرائز المتأصلة في النفس البشرية. فكم من الدماء أُريقت وكم من الأرواح أهدرت في مذابح بشرية على مر التاريخ حتى وإن لم يغير ذلك من الواقع شيئًا! ورغم ذلك، ورغم كل الأضرار التي يجلبها الانتقام، فثمة وجهة نظر معارضة ترى أن الخوف من الانتقام يعمل كآلية فعالة تعزز النظام والتكاتف الاجتماعي.
تخيل – مثلاً – أننا كنا نعيش منذ ألفي عام في أرض قاحلة ومقفرة، وأنا أمتلك حمارًا تود أنت سرقته. فإذا كنت تدرك أنني إنسان عقلاني فسوف تخاطب نفسك قائلاً: ”لقد عَمِل وتعب لمدة عشرة أيام في حفر الآبار كي يتمكن من شراء الحمار، فإذا سرقته
وهربت إلى مكان ناء، فسيجد أن الأمر لا يستحق عناء البحث عن الحمار ومطاردة سارقه، وسيفضل حفر المزيد من الآبار ليشتري حمارًا آخر.“ ولأنك تعلم أنني لست على هذا القدر من الحكمة والعقلانية وأميل بطبعي إلى العنف والانتقام لدرجة قد تحدوني إلى مطاردتك حتى آخر العالم، فهل ستغامر وتقدم على سرقة حماري؟ بالطبع لا. فرغم رفضي لمبدأ ”العين بالعين والسن بالسن“، إلا أن الخوف من الانتقام أثبت فعاليته في إدارة العلاقات في المجتمعات.
حذرنا الحكماء من الفوائد – المزعومة – للانتقام. فقد قال ”ألبرت شويتزر“: ”الانتقام كالحجر المتدحرج الذي تصل به إلى قمة الجبل، فيرتد عليك بأضعاف القوة والعنف ويهشم عظامك التي دفعته إلى أعلى.“ ورغم هذه النصيحة التي تحذرنا من الانتقام، إلا أنه أمر يصعب تجنبه. فهو أمر مبني في الأساس على ثقتنا في الآخرين. وهناك الكثير من قصص النجاح التي كان الانتقام هو الوقود والدافع الرئيس لها. وعادة ما تشمل هذه القصص روادًا ومبتكرين ورجال أعمال. فعندما يطردون من مناصبهم كرؤساء تنفيذيين ومديرين، تبدأ عملية ”الانتقام“ في تغيير مسار حياتهم. فتارة ينجحون في استعادة مناصبهم السابقة، وتارة أخرى يعمدون إلى تأسيس أكبر منافس لشركتهم السابقة. فبعد أن طُرد ”جيفري كاتزنبرج“ من شركة ”والت ديزني“، لم يحصل على تعويض مالي قدره 280 مليون دولار فقط، بل أسس شركة ”دريم ووركس“ التي أنتجت فيلم ”شريك“ الذي حقق نجاحًا مبهرًا فأصبحت ”دريم ووركس“ من أخطر المنافسين لشركة ”والت ديزني“. الطريف في الأمر أن هذا الفيلم لم يقتصر على التهكم من روايات ديزني الخرافية، بل يقال إن شخصية الوغد في الفيلم هي تمثيل سلبي لشخصية ”مايكل إيسنر“ رئيس ديزني. -
الكاتبالمشاركات
يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع. Login here