- This topic has 0 ردود, مشارك واحد, and was last updated قبل 8 سنوات by
admin.
-
الكاتبالمشاركات
-
5 أبريل، 2017 الساعة 2:57 م #10280
admin
مدير عامقوة الإرادة ليست كل شيء
منذ خمسة عقود تقريبًا، أجرى عالم النفس الأمريكي ”والتر ميشيل“ تجربة على مجموعة من الأطفال، حيث تركهم بمفردهم في غرفة ومعهم عدة قطع حلوى، وأخبرهم أن كلاً منهم يستطيع تناول قطعة حلوى واحدة في الحال أو الانتظار حتى يعود ويمنح
كلاً منهم قطعتين. اكتشف ”ميشيل“ أن الأطفال الذين صمدوا أمام إغراءات قطع الحلوى وانتظروا كانوا يتمتعون بأداء أفضل في جميع نواحي حياتهم، مقارنة بالأطفال المندفعين الذين أكلوا الحلوى فور الانفراد بها. وبمتابعة الأبحاث لعقدين تاليين من الزمن تبين أيضًا أن الأطفال الذين أجَّلوا إشباع رغباتهم حققوا نتائج أفضل في الاختبارات المدرسية، وحظوا بعلاقات اجتماعية قوية وحياة سعيدة؛ وهكذا استنتج الدكتور ”ميشيل“ أن قدرة الإنسان على تأجيل رغباته تحدد مدى نجاحه على المدى الطويل.
ولكن هناك من بالغوا في تفسير نتائج هذه الأبحاث حين افترضوا أن السبب الوحيد الذي يحدد قدرة الأطفال على التحكم في رغباتهم هو قوة الإرادة الطبيعية التي يتمتعون بها، وكأنهم أقوى بالفطرة. وهذا هو ذات الافتراض الذي نسوقه لأنفسنا عندما
نفشل في تغيير إحدى عاداتنا. وهذه نظرية خاطئة تجعلنا نقف عاجزين عن تغيير عاداتنا السلبية وتطوير مهاراتنا الحياتية. فعندما يعتقد أحدنا أن قدرته على اتخاذ قرارات سليمة تعتمد على قوة إرادته فحسب، وأن قوة الإرادة هي ميزة طبيعية يولد بها الإنسان، فإنه يتوقف عن محاولة التغيير، ويكره نفسه بسبب عاداته السيئة!
لكن الدكتور ”ميشيل“ ذهب إلى أبعد من ذلك، فبعد بضع سنوات، طرح مع عالم النفس ”ألبرت بندورا“ سؤالاً مهمًا حول ما إذا كانت الإرادة هي في جوهرها مهارة. وشكك العالمان في أن الأطفال الذين تحكموا في رغباتهم لم يكونوا فقط محفزين لذلك، بل توفرت لهم ”قدرة“ التحكم بسبب اكتسابهم مهارة أو اثنتين إضافيتين. هذه النتيجة توضح أن الفشل في تسخير النوازع الشخصية غير مرتبط بالنشأة وإنما بمهارات يمكن اكتسابها. فعندما يتعلق الأمر بتغيير السلوك، تلعب المهارات دورها، وتحرك فينا الأمل لنعلم أطفالنا مزيدًا من المهارات التي تساعدهم على تأجيل إشباع رغباتهم بدلاً من الظن الخاطئ بأن أبناءنا سيعيشون بلا قوة الإرادة مدى الحياة.
الأمر ليس سهلاً
قرر أحد الأشخاص ويُدعى ”تميم“ تجربة وتطبيق نتائج هذه الأبحاث لإنقاص وزنه، فاتبع استراتيجية ”مصادر التأثير الستة“. لتعزيز الحافز الشخصي بذل مجهودًا لاكتشاف الطعام الصحي الذي يحبه. ولتعزيز قدرته الشخصية قام بحساب السعرات الحرارية. في
الحافز الاجتماعي قرر بمساعدة زوجته عدم ملء الثلاجة بالطعام الغني بالدهون والحلوى واستبدالهما بطعام صحي، وبدأ يحتفل في كل مرة يخسر فيها نصف كيلو جرام. بعد تعزيز الحافز الاجتماعي والقدرة الاجتماعية ركز ”تميم“ على عنصر المكافأة. في البداية لم يتوصل إلى ما يجعل النظام الغذائي أكثر جاذبية، لكنه قرأ عن استراتيجية تحتم التبرع ببعض المال لمؤسسة يكرهها، على أن يحوِّل المال الذي وفره إلى هذه المؤسسة كلما فشل في الوصول إلى هدفه الشهري!
سخَّر ”تميم“ البيئة المحيطة لتحقيق هدفه، فعلّق ملصقات تعكس الأوزان التي خسرها، وبرمج الكمبيوتر ليرسل إلى هاتفه المحمول رسائل تذكير وتشجيع، ونقل الوجبات الخفيفة إلى المخزن حتى لا تبقى في متناوله. كانت خطة رائعة، لكنها لم تنجح!
إذ خسر ”تميم“ أرطالاً قليلة، لكنه يئس بعد شهر واستعاد الوزن الذي خسره، فقال لنفسه: ”أعرف أن منهج التغيير سليم وعملي، لكن العيب في أنا!“ وهكذا وقع ”تميم“ في فخ قوة الإرادة.
أنت الدارس ومادة الدراسة
ما هو حل مشكلة ”تميم“؟ ما الخطأ الذي ارتكبه؟ يفشل معظمنا في الوصول إلى أهدافهم الشخصية لعدم إدراكهم العوامل المؤثرة في سلوكهم. لكن ”تميم“ ليس كذلك، بل وضع خطة اعتقد أنها محكمة بعد أن حلل المصادر الستة للتأثير واتبع منهجية
واضحة للتعامل معها. فلماذا تعثَّر إذن؟ هذا ما يجيب عنه أولئك الذين نجحوا بالفعل. فعندما ننظر إلى الذين حافظوا على نجاحهم نكتشف أمرين:
-1 أنهم تعثروا طويلاً قبل تحقيق النجاح
-2 كانت خططهم للتغيير ذاتية
الذين تغيروا اكتشفوا ما يلائمهم من تجارب بالمحاولة والخطأ. جربوا تقنية جديدة، وحرصوا على التعلم والمحاولة المستمرة. تقدموا خطوات إلى الأمام في طريق تحقيق خططهم التي تعاملت مع كل التحديات التي تواجههم حتى تمكنوا من النجاح. فهل الخطط العلمية القائمة على التجربة والخطأ مناسبة لك؟
لنفترض أنك مثل ”تميم“ ترغب في اتباع نظام غذائي لإنقاص الوزن، فهذا يعني أنك تحتاج إلى حرق سعرات حرارية (أي تزيد من حركتك) أكثر من التي تكتسبها (تغيِّر نوع الأكل). هذه هي التغييرات السلوكية التي تحتاجها. قد ينصحك المحيطون بك بأن ترفع معدل الحرق وتقلل معدل الاستهلاك وتقرأ كتب الحمية الغذائية أو تشتري عضوية في الصالات الرياضية أو تتناول بعض أدوية التخسيس. وهنا تبدأ الخطة في الانهيار، فالنصائح التي يسديها إليك الزملاء قد تكون مفيدة لهم، ولكنها قد لا تناسبك أنت، وهكذا فإن معرفتك بعلم اجتماع التغذية لا تقل أهمية عن علم التغذية وأساليب التخسيس. هذا يشمل معرفتك بنفسك وفهم عاداتك المراوغة والتعرف على بيئتك المحيطة.
لا أحد يعرفك أكثر منك. فأنت عالِم الاجتماع وأنت الدارس ومادة الدراسة. عندما تتحدث إلى الأشخاص الذين تغيروا، فسوف تسمع نفس النصيحة مرارًا وتكرارًا. سيخبرك أحدهم كيف اكتشف في الشهر الأول أن عليه التوقف عن تناول وجبة الغذاء المتخمة بالكوليسترول. وفي الشهر الثامن اكتشف في أثناء سفره أن خطته تنهار، وبعد دراسة نفسه كعينة مخبرية توصل إلى الخطة المناسبة لحالته الفريدة!
علم إجتماع تغيير الشخصية
لا يندفع خبراء التغيير الناجحون نحو تجربة كل فكرة جديدة. بل يطبقون الاستراتيجيات التالية:
الاستراتيجية 1 – تحديد اللحظات المحورية: لتعرف لحظاتك المحورية فتش عن الظروف التي تضعك في أقصى درجات الإغواء. قد تميل إلى تجاهل طلبات العملاء الغريبة، وقد يصيبك الملل وتميل إلى العزلة والكسل عندما تكون تحت ضغط. عندما تفكر في اللحظات المحورية لاحظ إن كانت تحدث في فترات محددة أو أماكن محددة أو مع أشخاص بعينهم، أو عندما تكون في حالة جسدية أو عاطفية محددة.
الاستراتيجية 2 – اتباع سلوكيات حيوية:السلوك الحيوي هو سلوك قوي التأثير يقودك إلى النتائج التي تتمناها، فضع قواعد لتحديد ما تريد. إذا وضعت القواعد قبل مواجهة التحديات تزداد فرص نجاحك في التغير عند مرورك بلحظة محورية، فبدلاً من مواجهة كل لحظة كحدث فريد ومفاجئ يضعك في موقف الاختيار تكون بالفعل قد اتخذت قرارًا بشأن ما ستفعله.
الاستراتيجية 3 – التركيز على كل مصادر التأثير: بعد تحديد اللحظات المحورية التي تمر بها والسلوكيات الحيوية التي ستتبعها، طوِّر خطة التغيير لتلائم هذه اللحظات والسلوكيات، والطريقة الوحيدة المعقولة للتغلب على مؤثرات العالم الخارجي هي استخدام مصادر التأثير الستة معًا.
الاستراتيجية 4 – تحويل المواقف السلبية إلى أرقام بيانية: (أسامة) مدخِّن مسرف يحاول الإقلاع عن التدخين، لكنه صادف مصادر تأثير غير متوقعة تآمرت عليه. وكان أحدها أخوه (يوسف) المدخِّن الشرِه. زيارته المتكررة لأخيه تحيطه بجو يدفع
إلى التدخين، لكن بدلاً من الجلوس مع أخيه للتدخين مما يشعره بالذنب، فقد غيّر في واقعه الخارجي. بدأ يقلل عدد لقاءاته بأخيه، وجاهد لكي يحسن البيئة المحيطة به، وهكذا حوَّل لقاءاته المتكررة ومؤشراتها الإحصائية إلى قرارات ذات معطيات رقمية. -
الكاتبالمشاركات
يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع. Login here