Back
مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #10140
    admin
    مدير عام

    القيمة ليست مجرد رقم 
    عرَّف الكاتب الأمريكي ”أوسكار وايلد“ الشخص الساخر بأنه ”من يعرف ثمن كل شيء ولا يعرف قيمة أي شيء“. تنطبق المقولة على المستثمرين الذين يعتبرون الاستثمار لعبة كبيرة والنجاح مجرد التقدم على بقية القطيع. لكن أحد شروط الاستثمار الصحيح هو ألا يدفع المستثمر ثمنًا يتخطى قيمة ما تستحقه الأصول التجارية. إذا تقبلت هذه الفرضية، فستقيِّم كل شيء قبل أن تشتريه.
    لذلك لا يمكن تبرير سعر الأسهم بحجة أنه سيكون هناك مستثمرون آخرون على استعداد لدفع ثمن أعلى في المستقبل، فهذا أشبه بلعبة الكراسي الموسيقية، ليصبح السؤال: ”هل سأجد كرسيًا أجلس عليه عندما تتوقف الموسيقى؟“
    رغم وجود العديد من نماذج التقييم، لا يوجد سوى أسلوبين للتقييم: تقييم حقيقي وتقييم نسبي. القيمة الحقيقية للأصول المالية تحددها التدفقات النقدية التي تتوقع أن تحققها هذه الأصول ومدى ثقتك في هذه التدفقات، فالأصول ذات التدفقات النقدية المرتفعة والمستقرة تساوي أكثر من قيمة الأصول ذات التدفقات النقدية المنخفضة والمتقلبة. مثلاً: يجب أن تدفع ثمنًا أكبر مقابل العقار ما دام هناك مستأجرون طويلو الأجل يدفعون إيجارًا مرتفعًا مقابله، بعكس عقار آخر لا يتسم فقط بانخفاض عائده الإيجاري، ولكن بتغير أسعار الأماكن الشاغرة فيه من وقت إلى آخر أيضًا.
    صحيح أن التركيز يجب أن ينصب على التقييم الحقيقي، إلا أن معظم الأصول يتم تقييمها حسب تسعير السوق للأصول المشابهة. فعندما تفكر في القيمة التي يجب أن تدفعها مقابل بيت فإنك ستنظر إلى قيمة البيوت الأخرى في المنطقة. وبالنسبة للأسهم، يعني هذا مقارنة سعر السهم بأسعار الأسهم المشابهة التي تندرج في نفس فئته.
    أهمية التقييم للمستثمرين
    يدخل المستثمرون السوق حاملين معهم العديد من أساليب الاستثمار: بعضهم يتحيّن السوق معتقدًا أن بوسعه توقع اتجاهاتها والاستثمار في الوقت المناسب بناءً على هذه التوقعات وشراء الأسهم قبل تقلبها، وينتقي بعضهم الآخر الأسهم بناءً على معدل النمو والعائدات المستقبلية المحتملة، في حين يعكف طرف ثالث على دراسة وتأمل الأسعار ويصف نفسه بالمحلل الفني، ويحسب فريق رابع النسب المالية ويتبع التحليلات الاقتصادية الأساسية التي يمعن عبرها في تفاصيل التدفقات النقدية التي تستطيع الشركة تحصيلها وتحقيق قيمة من خلالها. بعضهم يستثمر من أجل أرباح قصيرة الأجل ويستثمر آخرون لأجل مكاسب
    طويلة الأجل.
    يستفيد المستثمرون من معرفة كيفية تقييم الأصول، وإن اختلف توقيت التقييم من مستثمر إلى آخر. مثلاً: يستطيع متحيِّن السوق استخدام أدوات التقييم في بداية العملية ليحدد ما إن كانت مجموعة أو فئة معينة من الأصول (أسهم أو سندات أو عقارات) مُقدَّرة بأقل أم أعلى من قيمتها الحقيقية، أما منتقو الأسهم فقد يعتمدون على تقييمات الشركات الفردية ليقرروا أي الأسهم أرخص وأيها أغلى.
    حتى المحللين الفنيين يستطيعون استخدام التقييم لرصد أي تغيير في مدى ارتفاع السعر أو انخفاضه، أي عندما يتغير مسار صعود السهم ويبدأ بالهبوط، أو العكس. لقد زادت الحاجة إلى تحديد القيمة ولم تعد قاصرة على الاستثمارات وإدارة المحافظ الاستثمارية، بل دخل التقييم في كل مرحلة من دورة حياة الشركة. بالنسبة للشركات الصغيرة التي تفكر في توسيع نشاطها، يلعب التقييم دورًا
    أساسيًا عندما تحاول زيادة رأس المال باستقطاب رأس المال المخاطر والمستثمرين في الأسهم الخاصة. وعندما تكبر هذه الشركات، يحدد التقييم الأسعار التي تُعرض بها للاكتتاب العام في السوق. وما إن تنتهي هذه العملية، فإن قرارات مثل: ”أين نستثمر؟ وكم نقترض؟ وكم نعيد إلى المالك؟“ تؤثر في القيمة. حتى المعايير المحاسبية لم تخلو من عملية التقييم، وهو ما يتجلى في الانتقال إلى القيم المحاسبية العادلة، حيث يتم تقييم الأصول في الميزانية العمومية بقيمها الحقيقية، لا بتكلفتها الأصلية. مما يعني أنه حتى القراءة البسيطة للبيانات المالية تتطلب فهمًا لأسس التقييم.
    حقائق عن التقييم
    يمدك استيعاب بعض الحقائق العامة عن عملية التقييم ببعض الثقة والاطمئنان عندما تجري التقييم بنفسك.
    -1 كل عمليات التقييم متحيزة
    لن تستطيع تقييم سهم أو شركة بلا تحيزات أو أحكام مسبقة. يتشكل هذا التحيز بدايةً من اختيارك للشركات التي ستقيِّمها، لأن اختيارك لن يكون عشوائيًا. فربما تكون قد قرأت خبرًا في الصحف (سيئًا كان أم جيدًا) عن الشركة، أو سمعت من أحدهم أنها مُقدَرة بأقل أو أعلى من قيمتها الحقيقية. ويستمر التحيز عندما تختار المعلومات التي تحتاجها لتقييم هذه الشركة.
    إذا كنت تعتمد على تقييم شخص آخر فابحث عن الأسباب والتحيزات المحتملة التي أثرت على أحكامه في التقييم. فكلما شاب عملية التقييم كثير من التحيزات، تراجعت مصداقيتها.
    -2 معظم عمليات التقييم خاطئة
    ستتعلم في بداية حياتك أنك إذا اتبعت الخطوات الصحيحة فستحصل على الإجابة الصحيحة، فإن لم تكن الإجابة دقيقة فإنك تكون قد أخطأت حتمًا في تنفيذ إحدى الخطوات. ورغم أن الدقة مقياس جيد في الرياضيات والفيزياء، فإنها من أضعف معايير الجودة في تقييم الشركات واتجاهات الأسهم.
    يتباين حجم ونوع الشكوك والمعلومات غير الدقيقة من شركة إلى أخرى، ولكلٍ أثره على المستثمرين. يتمثل أحد هذه الآثار في أنك لا تستطيع الحكم على تقييم ما بناءً على دقته، لأنك ستواجه التباسات وشكوكًا كثيرة خلال تقييمك لشركة ناشئة، مقارنةً بما لو كنت تقيِّم شركة عريقة ومعروفة. هناك أثر آخر يتمثل في أن تجنب التعامل مع الشك وعدم اليقين لن يخلصك منهما، فإذا رفضت أن تقيِّم الشركة لأنك غير واثق في نجاحها مستقبلاً فسيكون هذا أمرًا غير منطقي بما أن كل من ينظر إلى هذه الشركة
    يواجه نفس شكوكك. ولذا فإن جمع المزيد من المعلومات وإجراء الكثير من التحليلات لن يحقق درجة اليقين المنشودة، بل إن المثير للمفارقة أن هذا قد يؤدي إلى مزيد من الشك.
    -3 البساطة أفضل
    من الأمور الجوهرية في عملية التقييم هو حجم التفاصيل التي يمكن أن تعتمد عليها. صحيح أن التفاصيل الكثيرة تتيح لك فرصة الاستعانة بمعلومات محددة لشحذ قدرت على التنبؤ، إلا أنها تحتاج إلى مدخلات كثيرة، مع احتمال الخطأ في بعضها، كما تنتِج نماذج أكثر تعقيدًا وغموضًا.
    القاعدة البسيطة هي أنك عندما تقيِّم أحد الأصول، استخدم أبسط نموذج ممكن. إذا استطعت تقييم الأصل بناءً على ثلاثة مدخلات، فلا تستخدم خمسة. وإذا استطعت تقييم الشركة بناءً على تكهنات ثلاث سنوات، فمن العبث محاولة التنبؤ بعشر سنوات من التدفقات النقدية. كلما قلت مدخلاتك، أصبحت مخرجاتك أكثر فعالية.
    -4 ابدأ!
    يتهرب معظم المستثمرين من تقييم الشركات ويتذرعون بعشرات الحجج: نماذج التقييم معقدة للغاية، أو لا توجد معلومات كافية، أو هناك الكثير من الأمور الغامضة. على الرغم من أن جميع هذه الأسباب تحمل قدرًا من الحقيقة، فإنها لا يجب أن تمنعك عن المحاولة. يمكنك تبسيط نماذج التقييم، والاكتفاء بما لديك من معلومات، وسيظل المستقبل غامضًا وغير مؤكد (مهما حاولت صقل أدواتك التنبؤية).
    هل ستخطئ أحيانًا؟ بالطبع، ولكن هكذا سيكون حال بقية المستثمرين. فالنجاح في الاستثمار لا ينبع من أن تكون دائمًا على صواب، وإنما من أن تكون أخطاؤك أقل من أخطاء غيرك.
    تقييم الشركات الناشئة 
    تطرح الشركات الناشئة أفكارها دون أن تملك إيرادات أو منتجات، ثم تصبح حديثة التأسيس فتختبر جاذبية منتجاتها، قبل أن تدخل في طور النمو الثاني عندما تقرر التوسع وزيادة الأرباح.
    الشركات الناشئة هي شركات خاصة يمولها مؤسسها أو مالكها أو صاحب رأس المال الأول (المستثمر المخاطر). ومع هذا، فعلى مدار العقدين المنصرمين، استطاعت بعض الشركات في قطاعات مثل التكنولوجيا والتكنولوجيا الحيوية أن تحقق قفزات واسعة وتتخطى حاجز سنوات الخبرة لتطرح نفسها للاكتتاب العام، وهي بذلك تعرض مزيجًا من الأمل والمخاطرة على المستثمرين الذين
    يصبحون على استعداد لمواجهة الشكوك المصاحبة لاحتمالات النمو.
    تتسم الشركات الناشئة بصفات مشتركة منها:
    ❂تاريخها قصير: لا تتخطى البيانات التشغيلية والتمويلية  لمعظمها عامًا أو اثنين على الأكثر، وأحيانًا لا تزيد عن بضعة أشهر.
    ❂إيراداتها قليلة أو معدومة: تكون إيراداتها هزيلة أو  معدومة تمامًا، وغالبًا ما يرتبط الإنفاق بعملية تأسيس الشركة، بدلاً من إدارة الأنشطة التي تحقق الإيرادات، فتكون المحصلة النهائية خسائر تشغيلية واضحة.
    ❂يختفي معظمها بسرعة: 44 ٪ فقط من الشركات التي  تأسست عام 1998 استطاع الصمود لمدة 44 سنوات، و 31 ٪ فقط صمد لمدة 7 سنوات.
    ❂استثماراتها غير سائلة: حتى الشركات التي تطرح  أوراقها المالية للاكتتاب العام تملك رؤوس أموال صغيرة وأسهمًا قليلة مطروحة للتداول. عادةً يمتلك مؤسس الشركة والمستثمر المخاطر وغيرهما من المستثمرين أصحاب الأسهم الخاصة النصيب الأكبر من حقوق الملكية والأسهم.
    ❂تنوع أشكال حقوق المساهمين: لبعض المستثمرين حق إدارة وتقديم المطالبات الأولى حول التدفقات النقدية (أرباح الأسهم)، في حين يمتلك مستثمرون آخرون أسهمًا إضافية تعطيهم حق التصويت على هذه المطالبات.
    على الرغم من أن كل عنصر من تلك العناصر لا يمثل تهديدًا أو مشكلة، فإن اجتماعها في شركة واحدة يجعل تقييمها ضعيفًا. فلا عجب إذن أن يستسلم معظم المستثمرين والمحللين! بهذا يمكن القول بأن هناك أسبابًا عديدة وراء فشل
    ❂الشركات الناشئة: فقد يتباطأ نمو الإيرادات، أو تقل هوامش الربح عن المتوقع، أو تفلس أسواق المال، أو ينسحب أهم الشركاء. ولكن يستطيع المستثمرون تحسين فرص نجاحهم بالتركيز على الآتي:
    ❂الأسواق الكبيرة المحتملة: السوق المحتملة التي يتم  عبرها تسويق منتجات الشركة وخدماتها يجب أن تتسم بالضخامة الكافية التي تؤهلها لاستيعاب النمو لفترات زمنية طويلة، دون أن تتعرض للإغراق بهذه المنتجات.
    ❂ضبط التكاليف والنفقات: قد تفتقر الشركات الناشئة إلى أسلوب منضبط لمتابعة نفقاتها والسيطرة عليها خلال رحلة سعيها إلى النمو. حدد أهدافًا معينة لتحسين هوامش الربح وتحصَّن من الفشل ببذل كل جهد لديك لتحقيق هذه الأهداف.
    ❂توفر رأس المال: يعتبر رأس المال عنصرًا أساسيًا من  أجل النمو والنجاح. ابحث عن الشركات التي تتمتع بأرصدة نقدية ضخمة ومتحالفة مع هيئات استثمارية كبرى لأن موقفها المالي دائمًا ما يكون قويًا.
    ❂الاعتماد على شركاء رئيسيين: غالبًا ما تعتمد الشركات الناشئة على مؤسسين أو شركاء رئيسيين. ركز على الشركات ذات المركز المتين الذي يجذب أهم المستثمرين.
    ❂الحصرية: النجاح يجذب المنافسين من الشركات الكبرى ذات رؤوس الأموال الضخمة. فأنت تبحث عن شركات ناشئة تتمتع بمنتجات يصعب تقليدها، سواء كانت هذه الميزة الحصرية تنبع من براءات الاختراع أو التكنولوجيا المبتكرة أو الماركات المسجلة، مما يتيح لك تحقيق مزيد من النجاح واقتحام أسواق جديدة وطرح منتجات مختلفة. استثمر فقط في الشركات الناشئة التي يصعب تقليد منتجاتها وتتمتع بأسواق كبيرة محتملة وتسيطر على نفقاتها وتملك سيولة كافية.

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)

يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع. Login here