- This topic has 0 ردود, مشارك واحد, and was last updated قبل 8 سنوات by
admin.
-
الكاتبالمشاركات
-
5 أبريل، 2017 الساعة 2:41 م #10269
admin
مدير عام“عاداتنا نمتلكها فتتملكنا ”
جوهر العادات
ما أول ما هممت به لدى استيقاظك هذا الصباح؟ هل اتجهت لتأخذ حمامك اليومي، أم راجعت بريدك الإلكتروني، أم غسلت أسنانك؟ أي الطرق اتخذتها عند ذهابك إلى العمل؟ هل تجاذبت أطراف الحديث مع أحد زملائك بالعمل أولًا أم سارعت بالبدء في مهامك اليومية؟ هل تناولت بعض شطائر الهامبورجر على الغداء أم اكتفيت ببعض الخضراوات؟ ”فما الحياة إلا زمرة من العادات المتبعثرة!“ هكذا قالها ”ويليام جيمس“ عام 1892 . فربما تستتر بعض خياراتنا اليومية الروتينية في زي قرارات متقنة ومحكمة،
ولكنها في واقع الأمر ليست أكثر من مجرد عادات. قد لا تشكل كل عادة على حدة فرقًا كبيرًا ولكن بمرور الوقت نجد أن نوعية الطعام التي نتناولها، وأحاديثنا اليومية مع أطفالنا، والتمرينات الرياضية التي نمارسها، والمنهج الذي من خلاله ننظم أفكارنا وأعمالنا، وغيرها الكثير من الأشياء تؤثر بشكل مباشر في أحوالنا الصحية، وقدراتنا الإنتاجية، وإمكاناتنا المادية، والسعادة والراحة الذهنية. وعلى مر العقود القليلة الماضية، تغير واتسع مفهومنا للجوانب النفسية والعصبية المؤثرة في العادات والأنماط المتحكمة في حياتنا، ومجتمعاتنا، وجميع مؤسساتنا بشكل لم يكن ليحدث منذ خمسين عامًا مضت. فقد أصبحنا اليوم على دراية بكيفية نشأة العادات، وسبل تغييرها، والعلوم المتحكمة في أنماط عملها، ومن ثم نستطيع أن نُقلص كم الطعام الذي نتناوله، ونضاعف التمرينات الرياضية التي نمارسها، ونحقق مزيدًا من الفعالية المهنية، ونحيا حياة صحية. لا يعني هذا بالضرورة أن تغيير العادات أمر يسير أو سريع أو حتى بسيط، ولكنه لا يزال ممكنًا.
1- العادات الفردية
تُعرف العملية التي من خلالها يُحول العقل سلسلة من الأعمال الاعتيادية إلى عادات روتينية وتلقائية بال”تكتُل،“ وهي النبع الذي منه تنبثق العادات. فهناك العشرات – بل بالأحرى المئات – من التكتلات السلوكية التي تتحكم في تصرفاتنا اليومية. بعض هذه التكتلات يتسم بالبساطة كأن تضع معجون الأسنان على الفرشاة قبل أن تبدأ في غسل أسنانك. والبعض الآخر أكثر تعقيدًا كاختيار وتحضير وجبة الغداء للأطفال. الجدير بالذكر أن الأعمال الروتينية تحدث كنتيجة مباشرة للعادات. فلنأخذ، على سبيل المثال، عملية إخراج السيارة من الجراج. بالطبع تطلب الأمر الكثير من الجهد والعناء، وأيضًا التركيز، حين كنت سائقًا مبتدئًا:
أولًا تفتح بوابة الجراج، ثم تفتح باب السيارة، وتُهيئ المقعد، وتضع المفتاح في مكانه، وتضبط المرايا الأمامية والجانبية، وتضع قدمك على المكبح… إلخ.
أما الآن فقد اعتدت القيام بكل هذه الخطوات بشكل تلقائي دون أدنى جهد أو تفكير. فكم من الأشخاص يتبعون هذا السيناريو المعقد كل صباح تلقائيًا، ذلك أنه بمجرد أن تُخرج مفاتيح السيارة تقوم العقد القاعدية بالمخ بالتعرف على العادة المخزنة مسبقًا في عقولنا والمرتبطة بإخراج السيارة من الجراج. وبمجرد أن تبدأ هذه العادة وما يرتبط بها من مهام في العمل، تتحرر عقولنا لتبدأ في ممارسة غيرها من الأفكار والعادات.
العقلية المتلهفة !
”كلود سي هوبكنز“ هو أحد الرواد التنفيذيين ب”أمريكا“ والذي اعتلى عرش عالم الدعاية والإعلان في مقتبل التسعينيات. اشتهر ”هوبكنز“ بسلسلة من القواعد التي ابتكرها بهدف خلق نوعية جديدة من العادات بين العملاء. فقد استطاع بمهارته أن يقنع الأمريكيين بشراء مشروب ”شليتز“ من خلال الترويج للطريقة التي تنفرد بها الشركة في تنظيف قنيناتها باستخدام ”البخار المضغوط“ بينما كانت تُنظف لدى جميع الشركات المنافسة بالطريقة ذاتها! كما استطاع بدهائه أن يدفع بملايين السيدات لشراء أحد مساحيق العناية بالبشرة مُدعيًا أنه كان المفضل لدى ”كليوباترا“ ضاربًا بانتقادات واحتجاجات المؤرخين عرض الحائط! وفي أحد الأيام التقى ”هوبكنز“ بأحد أصدقائه الذي عرض عليه منتجًا جديدًا وهو معجون أسنان أطلق عليه ”ببسودنت.“ كما أكد أن هذا المنتج سيدر أرباحًا هائلة إذا ما ساعده ”هوبكنز“ في تدشين حملة ترويجية ضخمة. وعلى الرغم من كثرة مشاكل الأسنان التي عانى منها الشعب الأمريكي فإنه قلما اشترى أحدهم هذه المنتجات المعالجة وبالتالي اعتذر ”هوبكنز“ عن أداء هذه المهمة، ولكن نظرًا إلى إلحاح وإصرار صديقه، لم يجد ”هوبكنز“ مفرًا من مساعدته. وفي غضون خمسة أعوام تحول ”ببسودنت“ إلى أهم منتجات معالجة الأسنان وأكثرها انتشارًا على وجه الأرض، وفي نفس الوقت استطاع ”هوبكنز“ أن يخلق عادة جديدة جابت أنحاء ”أمريكا“ بسرعة فائقة وهي تنظيف الأسنان.
أدرك ”هوبكنز“ أنه كي يصل ”ببسودنت“ إلى كل المنازل الأمريكية لا بد وأن يجد محفزًا قويًا. فبدأ في استطلاع مجموعة من الكتب الطبية إلى أن وجد في أحد الكتب إشارة إلى ”اللوحة المسننة“ والتي أطلق عليها فيما بعد ”الغشاء الرقيق.“ لمعت في ذهن ”هوبكنز“ فكرة رائعة؛ فقرر أن يسوق لهذا المنتج باعتباره صانعًا للجمال ومحاربًا للتسوس. هنا نجد أن ”هوبكنز“ قد أوجد المحفز الذي أدى في النهاية إلى خلق عادة جديدة. فقد سلط الأضواء على الغشاء الرقيق المغطي للأسنان وكأنما ابتكره من العدم على الرغم من أن هذا الغشاء لطالما كان موجودًا لدى الجميع دون أن يتسبب في أدنى أرق أو إزعاج. فهذا الغشاء ما هو إلا طبقة رقيقة وطبيعية تغطي الأسنان أيًا كان نوع المأكولات ومهما ازدادت مرات غسل الأسنان. الطريف في الأمر أن معاجين الأسنان كافة ليس لها أدنى تأثير أو علاقة بالغشاء الرقيق! ولكن هذه الحقيقة الطبية لم تعترض طريق ”هوبكنز“ أو تُرجعه عن قرار تدشين حملته ”الغشائية.“ وسرعان ما غزت ملصقات وإعلانات ”ببسودنت“ كل الشوارع والطرقات: ”مرر لسانك على أسنانك، هل تشعر بهذه الطبقة الرقيقة؟ هذا ما يجعل مظهر أسنانك باهتًا ومتآكلًا، إليك معجون أسنان ”ببسودنت“ الجديد!“
تكمن براعة هذه الحملة الدعائية في اعتمادها على محفز قوي – الغشاء الرقيق – ومكافأة أكثر إغواءً. فمن منا لا يرغب في ابتسامة جميلة! ما الذي فعله هوبكنز إذن؟ اعتمد على العقلية المتلهفة للمستهلك، تلك العقلية التي تبث الحياة في دورة العادات.
القاعدة الذهبية لتغيير العادات الروتينية
في عام 2006 ، توجهت ”ماندي“ – الطالبة البالغة من العمر 24 عامًا – إلى المركز الاستشاري بجامعة ”ميسيسبي“ حيث كانت تعاني من عادة قضم الأظافر طوال حياتها حتى كانت تنزف في بعض الأحيان. تسببت هذه العادة السيئة في تدمير حياتها الاجتماعية؛ فكانت تشعر بالإحراج طوال الوقت بين زملائها حتى كانت تخبئ يديها داخل جيوبها طوال الوقت. وقد حاولت مرارًا وتكرارًا التخلص من هذه العادة باستخدام طلاءات الأظافر كريهة الطعم ولكن دون جدوى!
أُحيلت ”ماندي“ إلى أحد الأطباء النفسيين الذي كان يدرس آنذاك طريقة علاجية تسمى ”اختبارات تغيير العادات.“ كان الطبيب على دراية تامة بدورة العادات الثلاثية ولكنه وجه تركيزه نصب الحلقة الثانية: الروتين. ونظرًا إلى صعوبة التخلص من العادات بشكل نهائي، فقد لجأ الطبيب إلى القاعدة الذهبية لتغيير العادات وهي: إذا أردت أن تغير إحدى العادات، لا بد أن تُبقي على كلٍّ من المُحفز والمكافأة، وتستبدل بالروتين القديم آخر جديدًا. من هذا المنطلق، كان لا بد من إقحام روتين جديد كبديل لعادة قضم الأظافر.
سألها الطبيب: ”ما الذي تشعرين به مباشرة قبل أن تبدئي في قضم أظافرك؟“ فأجابت: ”أشعر بنوع من الاضطراب في أظافري.“
يُعد التعرف إلى الدوافع المسببة للعادة السلوكية أولى مراحل العلاج. ومن خلال حديثهما اتضح أن هذه العادة كانت نتيجة للملل الذي سرعان ما يختفي بمجرد أن تنتهي من كل أظافرها! تلك إذن هي حلقة المكافأة وهي الإشباع النفسي الذي ينتابها نتيجة
للمثير الجسدي – أي قضم الأظافر. بدأ الطبيب في تعليم ”ماندي“ ما يسميه ”رد الفعل التنافسي.“
فكلما شعرت بالاضطراب – المحفز – تُمسك في الحال بقلم أو غيره من الأشياء التي تحول دون وضع أصابعها داخل فمها. تقوم بعد ذلك بالبحث عن أي نشاط جسدي من شأنه أن يوفر لها إشباعًا نفسيًا كأن تحرك ذراعيها يمينًا ويسارًا أو تحك مفاصلها بالمكتب على سبيل المثال. وبالتالي تكون قد حافظت على المحفز والمكافأة، ولم تتغير سوى الحلقة الثانية.
وفي غضون شهر واحد، تخلصت ”ماندي“ تمامًا من تلك العادة المقيتة.
2- العادات المؤسسية الناجحة
في أحد الأيام العاصفة عام 1987 ، اجتمعت مجموعة من المستثمرين البارزين لمقابلة الرئيس التنفيذي الجديد لشركة الألومنيوم الأمريكية. وكان مؤسس هذه الشركة قد اخترع عملية صهر الألومنيوم منذ قرن مضى، وبذلك أصبحت كبرى الشركات على وجه الأرض. ولكن في غضون عام واحد، ارتكبت إدارة الشركة خطأً تلو الآخر حيث انشغلت في محاولات توسيع خطوط الإنتاج في حين استولى المنافسون على عملائها وأيضًا أرباحها. لذا آن الأوان لتتولى قيادة جديدة زمام الأمور. وقد وقع الاختيار على ”باول أونيل“ – وهو عضو حكومي سابق ليتولى منصب الرئيس التنفيذي الجديد. اعتلى ”أونيل“ المنصة في حضور المستثمرين ليقول: ”أود أن أستهل حديثي بتسليط الضوء على سلامة العمال، ففي كل عام يتعرض عدد هائل من العمال لإصابات بالغة تجعلهم يتغيبون عن العمل ليوم أو أكثر. لذا فإن مخططي أن أجعل هذه الشركة هي الأكثر أمانًا على الإطلاق!“
ارتبك الحضور؛ فهو لم يأتِ على ذكر الأرباح أو الضرائب أو مثيلاتها من الأمور. استأنف ”أونيل“ حديثه قائلًا: ”كما أود أن أشير إلى المخارج الآمنة بهذه الغرفة، هناك بابان خلفيان واللذان – في حالات الحريق أو الطوارئ – يجب استخدامهما بهدوء تام
حتى مغادرة المبنى.“ عم الهدوء المكان، هل هذه مزحة؟ وأخيرًا سأله أحد الحضور عن نسب رأس المال. فأجابه ”أونيل“: ”يبدو أنك لم تنصت إليّ جيدًا، إذا أردت أن تُقيم أداء الشركة، فإن المرجعية الأولى تكون لمعدلات الأمن والسلامة. فإذا تمكنا من خفض معدلات الإصابة، لن يكون ذلك نتيجة للهراءات والهتافات التي يتغنى بها جميع الرؤساء التنفيذيين التقليديين وإنما لإصرار الموظفين على أن يصبحوا جزءًا من شيء هام وهادف. بمعنى أدق: لأنهم كرسوا جهودهم لخلق ”عادة“ من التميز والتألق. وبالتالي تكون معدلات السلامة والأمان هي الدليل القاطع لقدرتنا على تغيير وتطوير عاداتنا على مستوى المؤسسة بأكملها. تلك هي الأسس التي وفقًا لها يجب أن نُقيَم!“ وبمجرد أن انتهى من خطابه شعر الجميع بخيبة الأمل وبالمستقبل المظلم الذي ستقبل عليه الشركة بسبب القائد الجديد!
في خلال عام واحد من تولي ”أونيل“ منصبه، حققت الشركة أرباحًا غير مسبوقة العهد. وبحلول وقت تقاعده عام 2000 ، كانت الأرباح السنوية للشركة قد زادت بمعدل خمسة أضعاف عما كانت عليه، وبالمثل ارتفع رأس مال الشركة إلى 27 مليار دولار. بالإضافة إلى هذا وذاك، تصدرت الشركة قائمة الشركات الاكثر أمنًا على مستوى العالم. فقبل أن يتولى ”أونيل“ قيادة الشركة، كانت المصانع التابعة لهم تعاني من حادثة واحدة على الأقل أسبوعيًا. ولكن ما إن طُبقت خطته التأمينية، استمر العمل بشكل
متواصل لأعوام طوال دون أن يتغيب الموظفون ولو ليوم واحد عن العمل نتيجة للحوادث كما كان الوضع من ذي قبل. يقول ”أونيل“: ”كنت أعلم جيدًا أن الشركة في حاجة إلى عملية تغيير شاملة، ولكنك لا تستطيع أن تأمر من حولك بالتغيير دون سابق إنذار. لذا قررت البدء بعادة واحدة، فإذا ما استطعت أن أغير العادات المرتبطة بشيء واحد، فما المانع إذن من تعميم التجربة على مستوى الشركة ككل!“ كان ”أونيل“ يؤمن بقدرة بعض العادات على خلق سلسلة من التغييرات. تلك هي ”العادات الاستثنائية“ التي – بمرور الوقت – تهب نسماتها لتؤثر في كل ما حولها.
-
الكاتبالمشاركات
يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع. Login here