الإنسان عامة لا فرق بين لون أو عرق أو حتى دين, مصداق ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر ولادة الإنسان على الفطرة.
(في أصله صفحة بيضاء) وأظن أن بعض قارئي هذه الأسطر يعون ما أعنيه حينما يتذكرون بقية الحديث السابق, ومدى أثر الولدين في التنشئة والتغيير.
في الحقيقة لقد كنت أفكر في تلك العبارة طويلاً وكثيراً
الإنسان في أصله صفحة بيضاء حينما نفكر ملياً في هذا الأمر نجدنا أمام مسألة أخرى, وهي أن كل ما يطرأ على الإنسان إنما هو عرض وليس جوهر في أصله , خذ مثلاً مسألة الكفر والعياذ بالله, نعم هناك من يكفر, بيد أن هذه المسألة لا تلغي ما سبق, فهو مع كفره يظل أصل النقاء والاستعداد للإيمان في قرارة نفسه, وبالتالي نحن أمام مسألة أخرى اتجاه ذلك الإنسان أو مجاميع البشر, وهي أننا نتوجه إليهم بالدعوة والحديث ونوقن في أنفسنا أن هذا الشخص يملك أساساً نقياً, فنحن نكلمه خارجياً على موضوع ما ومن ناحية أخرى تصاحبنا فكرة نقائه الأصلي.أمر آخر نستقيده من تلك المقولة المهمة :
وهي أنه طالما كان الإنسان في أصله صفحة بيضاء فهذا يعني أصلاً خلوه من كل المنغصات النفسية والاجتماعية,
نعم وهذا صحيح, خلقنا الله تعالى بدون أمراض نفسية, ولكنها جاءت بعد ذلك,
هذه النقطة المهمة غالباً ما أقدم بها حديثي لمن أريد مساعدته, فنحن سوياً مع الشخص المقابل نحاول أن نحيا هذه الفكرة, فهي تؤثر علينا سوياً, أما المعالج فيعرف فضل الله تعالى على الإنسان وخاصة المؤمن, ومن ثم يدرك مدى الفرصة الهائلة المتوفرة ليتخلص الآخر من كل مرض, ألم يكن في أصله صفحة بيضاء, طيب , المسألة وضحت وهنا نأتي إلى الشخص الآخر وهو من أقابله, فهو حينما يعي هذه الفكرة يدرك في قرارة نفسه ويقول: هذا صحيح, إن الله تعالى عادل وحاشاه أن يظلم, خلقني معافى من كل بلاء نفسي, أنا في الأصل صفحة بيضاء, إذا مثلما جاءت فإنها تذهب بإذن الله تعالى, سبحان الله,
هذا هو الإنسان في أصله خلقه الله تعالى ليس في أحسن صورة فحسب, بل وصفحة بيضاء مؤمنة تقر بالله تعالى,
كم هو جميل تخيل تلك الصعاب وهي تذهب وتتركنا, فنحن هنا, وهي كما جاءت بقدر الله فإنها تذهب أيضاً بقدر الله.