
كن اجتماعيآ وكون أصدقاء جدد -د.مها فؤاد
من سمات الشخصية الناجحة اجتماعياً في حياتها أنها تكون قادرة دائماً على تكوين صداقاتٍ جديدة ، ولا شك بأن هذا الأمر يشكّل تحدياً لكثيرٍ من الناس لاختلاف طبائع البشر ، كما أن النفس الإنسانية عادة تخشى كل ما هو جديد وترهبه ، وخاصة في وقتنا الحاضر حيث قلت الصداقات التي يشعر الإنسان فيها بقيمة الصّديق إذ غلبت المصلحة والمنفعة على علاقات الناس بعضهم البعض ، وما سنتكلم عنه هو الصداقة الحقيقية المبنية على أسسٍ واحترامٍ متبادل ، والتي لا تهزها الرياح ولا تختبرها السنون ، فكيف للإنسان أن يكون صداقات جديدة في حياته .
الإنسان بطبعه لا يحب العيش بمفرده، بل يفضل العيش ضمن جماعات، بحيث يكون علاقات تربطه بمن حوله من الناس، ومن أجمل وأسمى العلاقات التي تربط بين الأشخاص هي الصداقة، فالصداقة هي من أكثر العلاقات التي تحمل أجمل معاني الصدق والإخاء، والصديق الحقيقي هو الذي يصدق صديقه في النصيحة ويدله على الطريق الصحيح، وهو الذي يشارك صديقه فرحه وحزنه، وهو الذي يتمنى الخير لصديقه كما يتمناه لنفسه ويحبه ويبادله مشاعر المودة والأخوة، وفي الصداقة لا يوجد هنالك أي تمييز بين الأصدقاء في المكانة الاجتماعية أو العرق أو غيرها من الأمور، إذ يكونون متساوين، فما أجمل أن يكون للإنسان صديقاً حقيقياً يقف إلى جانبه في مسيرته في هذه الحياة!
الصداقة هي حالة اجتماعية تحدث بين البشر، ويكون أساسها المحبة والصدق، حيث إن البعض يلجأ إلى محبة الآخرين من أجل التخلص من إحساس الوحدة، ويكون المعنى الدقيق للصديق، بأنه الشخص الذي تقربه منك، وتقوم باطلاعه على جميع أسرارك وأمورك الشخصية، كما أن الصداقة هي مفتاح الحياة السعيدة، وبالتالي فإن الصداقة من أجمل الأمور التي قد يجدها الإنسان، فلا يستطيع الإنسان العيش وحيداً، كما أنه لا يستطيع الاكتفاء بالأهل الذين يعيشون معه، بل هو بحاجة إلى يد الأصدقاء. يقال بأن الابتسامة هي الطريق للوصول إل قلوب الآخرين، كما أنها تعطي الشخص الإذن بالدخول إلى قلوب الآخرين، ففي حال أراد الإنسان أن يعبر لشخص ما عن حبه وامتنانه له تكون الابتسامة في وجهه هي بداية الطريق.
يذهب أغلب الناس إلى الحصول على صداقاتهم من الأماكن التي يتواجدون فيها، مثل الجيران التي يعيش حولهم فتتكون تلك العلاقات مع الوقت ومنذ الصغر بينهم، ثم المدرسة التي تصنع عدد من العلاقات القوية بين الأصدقاء، وتزيد الرابطة بينهم وبينها بسبب التفاعل الدراسي والعمل سوياً، والمخالطة لوقت طويل في المدرسة، ولكن السبب الأهم في تكوين تلك العلاقات هي الخروج من الجو المنزلي والتعرف على بيئات جديدة وأناس جدد لم يعتد التعرف عليهم، وتزداد ذروة بناء الصداقات في الفترة الجامعية التي يمر بها الطالب حيث تتعزز تلك العلاقات بلون من الشراكة في الأعمال والدراسة، وأيضا في بعض النزهات التي تعطي الفرصة في التشارك والتعاون فيما بينهما بشكل قوي وممتاز .
ولكي أكون علاقة صحيحة عليك أن تتبع بعض النصائح التي تساعدك في الحصول على علاقات جيدة ومستديمة وأهم ما في الأمر أنّها توضح لك الطريق الصحيح الذي يجب أن تسلكه في هذه العلاقات، ومن أهم هذه الأمور ما يلي: أن تكون على وعيٍ تام بضرورة معرفتك بهذا الصديق من قبل، وأن تعرف سلوكه وطباعه، وإن شعرت أنك تميل إليه وتريد أن تكون صديقاً له فلا بأس في ذلك، ولكن لا تحاول أن تتطاول على شيء منه، واجعل الأمور تسير ببطء فذلك أسلم لك على الدوام، فكم من الأصدقاء قد غششنا بجمال الابتسامة، وقتلنا السم الذي ينبع من قلوبهم. اجعل ابتسامتك طريقاً لكي تدخل بها إلى قلوب الناس، فكما أسلفنا فالابتسامة هي جواز سفرك وعبورك إلى القلوب، ولا تكن متكبراً أو جاحداً.
تقرب من الشخص قبل أن تتخذه صديقاً، وتعرف عليه عن قرب، وإن لاحظت أنه يشبهك في حياتك، وفي طريقة تصرفك فلا بأس في ذلك أمّا إن شعرت أنّه مختلف عنك فهذا أمر قد يجعل الأمور تسوء بشكلٍ كبير، وسيجعلك تشعر أنك أصبحت في ورطة بدلاً من علاقة جميلة جيدة، ولا تتهاون في ترك الأشخاص الذين تشعر أنهم لا يناسبوك في العمر أو القدر، وتعامل مع نفسك أنك غير مجبر على اتخاذ صديقٍ لا تشعر معه بالأمن أو الراحة أو أي أمر آخر، واستمع لرأي أهلك بما يخص أصدقاءك، فلهم النظرة الثاقبة التي تميز الجيد من الخبيث، ونصيحتهم تكون بفائدة لك. انتقاء الأصدقاء أمر مهم، فهم الأشخاص الذين ستقضي معهم معظم حياتك، لذا حاول أن تكون محبوباً بين الناس، وأن تكون قادراً على تدبر أمور حياتك، ولا تستهين بالكلمة الطيبة التي تعتبر صدقة .
عليك أيها الإنسان تتذكر دوماً أن الصديق الذي ستنتقيه اليوم سيكون لك رفيقا لعمرك ودربك ، فلا تستعجل في شيء، وحاول أن تكون بشكل أو بآخر الرجل الأول أو الأنثى الأولى في المجموعة التي يتخللها مجموعة من الأشخاص الذين تختلف أفكارهم وعاداتهم عن بعضهم البعض، ولا تحاول أن تكون سيداً عليهم، فكل ما في الأمر أن تبدو شخصاً محترماً في نظرهم، حتى لا تتهاوى علاقتك بهم عند أول مطب يحدث. صديقك الذي تحب أن تكون بجانبه من الممكن أن يحمل بعض الصفات المنفرة، فيجب أن تكون أنت المؤثر لا المتأثر، وحاول أن تغير من طباعه، ومن أسلوب حياته، وأن تثنيه عن الدرب الذي يسير عليه إن شعرت أنه من الممكن أن يصلح حاله على يديك، فهذا سيجعلك تشعر بالرضا. حاول أن تتولى مسؤوليتك تجاه نفسك وتجاه الشخص الذي تريد أن يكون صديقاً لك .
كما أن البعض يفضل الصديق الصادق، الذي لا يكذب، وهناك من يفضل الصديق الذي يجامل على حساب الحقيقة، فمن الممكن أن تكون هذين الشخصين مرةً واحدة، فمن الممكن أن تجامل أصدقائك وتظهر لهم المودة والحب، وفي نفس الوقت تقدم لهم النقد البناء، في صورة مهذبة حتى لا ينفروا منك، وتكون بالنسبة إليهم شخصية مزيفة ولا تمت للحقيقة بصلة.