قوة الإقناع – د. مها فؤاد
الاقناع،هل هو علم أم فن؟وكيف نشأ؟ وكيف يمكن إقناع شخص ما بفكره معينه؟وهل للإقناع أساليب وطرق معينه؟وهل هناك من لا يستجيبون لأسلوب الإقناع؟ وهل ينجح أسلوب الإقناع مع جميع العاملين به؟ يعتبر الإقناع فنا أكثر من علما، برغم وجود العديد من الدراسات والأبحاث حول موضوع الإقناع،وهو من أكثر الفنون إبهارا المندرجه تحت فنون مهارات الإتصال والتواصل،حيث يعتبر أسلوب الإقناع هو قدرة الشخص على إيصال المعلومه للطرف الآخر وإقناعه بها مما يغير من المعتقدات والسلوكات لدى الطرف الآخر حول موضوع معين.
ويقصد بالإقناع جعل الناس يقبلون رأيك ولا يعارضونه، وقوّة الإقناع هو القوّة في تمرير رأيك، والتخلّص المعارضة له، بشكل سريع ودون كلفة كبيرة، وهي صفة نفسية تتعلق ببعض مهارات الحياة، والتنمية البشريّة، وكلّ إنسان قد يواجه في الحياة بمعارضة لرأيه، أو موقفه، فيحتاج إلى لباقة وحكمة، ووعي وشجاعة، لتبديد هذه المعارضة من ناحية، وتشتيت جبهتها من ناحية أخرى، وهذه الخاصيّة لا تتأتى بسهولة دون بذل جهد، بل لا بدّ من سمات شخصيّة ونفسيّة تتوفّر في صاحبها. عناصر مهمّة وصفات لقوّة الإقناع ثقة الإنسان بصحّة رأيه، وهذه أهمّ صفّة يحتاجها الإنسان، وبدون هذه الخاصيّة سيكون ضعيفاً في عرضه لرأيه، إذ لا يملك هو الثقة برأيه، فكيف يثق به غيره.
وهناك خمس أساليب للإقناع
كم مرة دخلت في نقاش مع أهلك و اصدقاءك و لم تنجح في أثبات وجهه نظرك؟ و كم هي المرات التي تحوّل فيها نقاشكم الهادئ إلى حرب مشتعلة، لا عليك فقد توصل خبراء العلاقات الإنسانية إلى خمس طرق إذا استخدمتها يمكنك بها ان تقنع أي شخص برأيك.
1- التكرار. يمكنك ان تستخدم التكرار بعدة صور، كأن تكرر الكلمات في بداية الجمل، مثل: (عندما كنت طفلا كنت أتكلم كطفل، و أفهم كطفل، و أفكر كطفل)، أو أن تكرر بعض العبارات من نفس الفكرة بين الحين و الآخر لتثبّتها في ذاكرة المستمع، فالدراسات العلمية تخبرنا أن المستمع يتذكر 10% من الفكرة بعد شهر من الاستماع إليها لمرة واحدة أما إذا استمع إليها ست مرات في نفس المدة فإنه يتذكر منها 90%.
2 الإقناع بالمقارنة بين متناقضين. و يأتي هذا المثال جلياً في القرآن الكريم لترك أثر من الصعب أن يمحى من الذاكرة، مثل قوله سبحانه و تعالى في سورة القلم : ﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ﴾.
3 الاستفهام. إن طرح السؤال على المستمع يجعله في حاله استعداد لتلقي الإجابة إذا لم يكن على علم بها، أما لو كان يعرفها فالسؤال يجذب انتباهه منتظرا أن يستمع للسبب وراء إلقاء هذا السؤال البديهي، و سنلاحظ أن المحامين يستخدمون هذه الطريقة في قاعه المحكمة لإثبات وجهات نظرهم، و ما أكثر استعمال القرآن لأدوات الاستفهام بين الآيات و في افتتاحية السور لشد الانتباه، مثل قوله تعالى في سورة الغاشية: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾. كما أن أعظم الخلق نبينا محمد ﷺ استخدم الاستفهام في كثير من أحاديثه، مثل قوله: ‹‹أتدرون من المفلس ؟››.
4 التشبيه. سلاح جيد في معركة النقاش، فأعط صورا عن أشياء يعرفها المستمع، فمثلا يمكنك أن تقول (العملاء هم رأساؤنا فإن أرادوا أن يطردونا لفعلوا).5 الأرقام والمعلومات. هذا النوع من الاقناع لا يترك فرصة لأصحاب المؤثرات اللفظية و المحسنات البلاغية أن يطمسوا الحقائق أو يزيفوها، و حبذا لو عرضت المعلومات التي تحمل الحقيقة من خلال الأساليب التي أشرنا لها سابقا، على أن تراعي البدء بالصورة العامة ثم تدخل في التفاصيل، مثل (هناك أكثر من نصف مليار متصفح عربي على الإنترنت، منهم 5 مليون مصري).
كما أن وعي الإنسان لقدراته حول الموضوع الذي يريد طرحه، من ناحية قدرته في إدارة الحوار، وقدرته في التعبير عن رأيه، واستعداده لقبول الرأي الآخر.
التأدّب بأدب الحوار بكلّ جزئياته، من ناحية خفض الصوت، وعدم الانفعال، والموضوعية، والاستناد إلى المنطق والدليل، والحرص على الوصول إلى الحقيقة، فهذه صفات نفسية تتوغل إلى نفسية الطرف الآخر، وتجعله يقتنع بالرأي الذي يعارضه،أو تخفف معارضته له. الحكمة في انتقاء الألفاظ والعبارات، دون شتم أو تجريح، ومخاطبة الطرف الآخر بما لديه من إيجابيات لتعزيزها، بهدف استمالة موقفه والانتقاد يكون لا لذات شخصه، وإنّما للموقف.
التمتع بقوّة الشخصية، وهي صفة نفسيّة متكاملة، وجزءٌ كبير منها مكتسب، من خبرات الحياة، والاحتكاك بالناس، واجتياز مواقف حوارية مشابهة، ورؤية ومشاهدة مواقف حوارية كذلك، وَيُعَدُّ التسلح بقوّة الدليل عقلياً كان، أو نقلياً، أو علمياً، من العناصر الأساسّية في قوّة الشخصية. المرونة في المواقف مع الحفاظ على الثوابت، ويقصد بذلك وجود مساحة للمناورة، وعدم التمترس خلف الموقف، إن كان ذلك يؤدّي إلى عدم الوصول إلى نتيجة، ولكن إن كان هناك مجال للتنازل عن بعض المواقف، التي لا تخدش ولا تثلم بالقيم والمبادئ والثوابت، وبهدف الالتقاء مع الطرف الآخر في منتصف الطريق، بهدف الخروج بموقف موحّد فهذا يندرج في حسن المناورة وإدارة الحوار، وربما تحقيق مواقف جديدة أقوى تحدّدها طبيعة الموضوع، وحجم المعارضة له، والبدائل الجديدة. هي عناصر إذاً وصفات تتكامل وتتجمع، والمحصلة إبداع في الحوار، وقوّة في الإقناع،
تختلف من شخص لآخر، اختلافهم في هذه الصفات النفسيّة، ومقوّمات الشخصيّة، ولكن قد يستغلّ الطرف الآخر، ما لدى الطرف المقابل له من ضعف في الشخصيّة وهشاشة في الحجج والبراهين، فيمرّر رأيه على وقع صخب صوته المرتفع، وعباراته المتهجّمة، وانفلاته من كلّ آداب الحوار فعندئذ يفرض رأيه لا لقوة شخصيته ومنطقة ودليله، بل للضعف الذي يتمتع بهه الطرف المقابل، فلا بد من الحيطة والحذر من هذه الناحية.