صفات الأم
الأم
الأم هي المدرسة التي يعتمد عليها المجتمع في تربية وإنشاء الأجيال المختلفة؛ كونها فهي من تربي الأبناء، وتنشئهم، وتعلمهم القيم والمبادئ التي يجب أن يسيروا عليها في حياتهم، كما أنّهم يتأثرون بالأم كثيراً، تحديداً في المراحل العمرية المبكّرة، فتراهم يقلدونها ويحاولون عمل أيّ تصرّف تقوم به؛ لذلك يجب أن تحرص الأم على عدم القيام بأيّ عمل غير لائق أمام أبنائها، وفي هذا المقال سوف نتحدّث عن الصفات المتعدّدة للأم المثالية.
صفات الأم الناجحة
كما ذكرنا فإن النجاح في تجربة الأمومة لا يكمن في إنجاب الأطفال فقط.. بل يحتاج لوجود قدرات كبيرة لدى الأم تمكنها من تحمل مسؤولية الأطفال ورتبيتهم بالشكل الأمثل.. لهذا فإن الأم الناجحة تحمل الصفات التالية..
1- قوة الشخصية: الأم الضعيفة غالباً ما يتلاعب بها أبنائها مستغلين ضعف شخصيتها. لذا فإن شخصية الأم عامل أساسي للغاية في تربية الأبناء. قد يغلب الحنان على شخصية الأم، فتخشى على الأبناء في كل صغيرة وكبيرة، وتظن أن الشدة مرفوضة رفضاً كلياً، حتى لا تخسرهم، وهذا أكبر خطأ.
الشدة المفرطة في التربية هي التي تضيع الأبناء، ولكن الشدة المحسوبة المغموسة بالرعاية، والمتبوعة بالحنان هي المطلوبة.
فالأم قد تضطر لضرب ولدها بحزم على خطأه (بعثر لعبه)، ولكنها هي نفسها التي تصحح مسار هذا الخطأ أو ترشده إلى الطريقة التي يصلح بها خطأه (اجمع لعبك في صندوق اللعب)، ثم تكافأه على نجاحه في الالتزام بالطريق (حينما تجد اللعب دائماً في الصندوق بعد الانتهاء من اللعب).
الأم قد ترفض طلب لولدها بإصرار (أريد الذهاب معك إلى جدتي)، عقاباً له على خطأه (لماذا لم تنتهي من واجباتك) ولكنها في نفس الوقت تكافأه عندما يتجاوز مرحلة الخطأ إلى الصواب (ستأتي معي إلى جدتك المرة القادمة).
القصد هنا هو الحزم عند اتخاذ القرار مع الأبناء، وعدم الرجوع فيه إلا للحاجة الملحة، وبضغط من طرف خارجي (الأب أو الأجداد).
2- الثقافة التربوية: المقصود بـ (الثقافة التربوية) هو أن تحسن اختيار الأوقات التي فيها تكون شديدة أو لينة، قاسية أو حنونة، تعاقبي أو تتجاوزي، وهكذا، أي أنها تعني التوازن في المعاملة، وهو نوع من الحكمة.
الثقافة التربوية هنا تساعدك على فهم سلوكيات الأبناء تجاه حدث معين، وكيفية التعامل مع الحدث في هذا الوقت بالتحديد.
فعلى سبيل المثال قد تكون الحدث واحد، مثل: الإبن لا يذاكر.
الحكمة تقتضي أن تعاقبيه بشدة وتعنِّفيه في مرة، وفي المرة الأخرى تخففي وتأخذيه في نزهة خارج المنزل.
ففي المرة الأولى: الابن لا يذاكر كسلاً، وإهمالاً، وحباً في اللهو… هنا يتوجب العقاب والشدة، وإرغامه على الالتزام.
أما في المرة الثانية: فقد يكون الابن لا يذاكر لأنه يشعر بالملل، أو لأن حالته النفسية سيئة، أو لأنه قضى وقت طويل في المذاكرة فشعر أن مخه تعب من كثرة المعلومات، في هذه الحالة من كمال الحكمة ألا تعاقبيه على ترك المذاكرة، بل يجب عليكِ أن ترفهي عنه، وتأخذيه في نزهة، أو أن تدعيه يفعل ما يحلو له بعيداً عن المذاكرة.
إجبار الابن على المذاكرة في هذا التوقيت قد يؤدي إلى نتائج عكسية، وقد يتظاهر بالمذاكرة طاعة لك، بينما عقله في مكان آخر.
3- الهدوء: فالأم الناجحة لا تجبر أبناءها على فعل شيء أو تحرمهم من شيء دون أن تذكر لهم الأسباب وراء ذلك وتناقشهم بكل هدوء وجدية. وهي تعلم أن الأمومة لا تعني فرض الأوامر دون إيضاح الأسباب لذلك. فإذا قامت بمكافأة طفلها تخبره عن السبب الذي دفعها لمكافأته، وإذا أرادت معاقبته كذلك الأمر، وهي تقوم بذلك بكل هدوء وصبر دون غضب وصراخ.
4- العطاء دون شروط: فالأم الناجحة هي التي تهب حياتها بكل ما فيها لعائلتها، تحب أطفالها دون شروط ودون أن تنتظر منهم رد، فهي لا تحبهم وتهتم وتعتني بهم في الصغر كي يهتموا بها عندما تتقدم بالعمر، وإنما تقوم بذلك فقط لأنها ناجحة وتقدس حياتها بوجود أبنائها. ومن ثم فهي تعمل وتعطي دون أن تنتظر أي مقابل مادي أو معنوي من أبنائها لقاء تعبها وسهرها إلى جانبهم.
وليس ذلك فحسب، بل إن الأم الناجحة أيضاً تغرس هذه الخصال في أبنائها، فهي تربيهم على العطاء ومحبة الآخرين وتقديم العون لهم دون شروط ودون انتظار مقابل.
5- القدوة الحسنة: الأم الناجحة هي التي لا تنهى أبناءها عن فعل شيء وتقوم هي به، لذا عليها أن تعرف كيف تكون قدوة حسنة لأبنائها في كل شيء، بدءاً احترامها وتقديرها لنفسها ولهم، مروراً بطريقة حديثها وسلوكها وتعاملها مع الآخرين باحترام ومحبة، وصولاً إلى كل ما تقوم به من تصرفات تمثل نمط حياتها. كل هذه الأمور سيلاحظها الطفل ويقوم بتقليدها بقصد أو دون قصد، لذا فإن الأم الناجحة تحرص على أن تكون دوماً القدوة الحسنة لأبنائها في كل حياتهم.
6- احترام آراء أبنائها والاستماع لهم وإظهار الاهتمام بهواياتهم ونشاطاتهم: فالأم الناجحة هي التي تكون صديقة أبنائها وشريكتهم في تجارب حياتهم، تستمع لهم دوماً وتصغي لكل كلمة يقولونها بشكل جيد، وتساعدهم على حل مشكلاتهم بحكمة وعقلانية دون التسبب بضرر لأحد. كما أنها تلاحظ دوماً اهتماماتهم وهواياتهم لتساعدهم على تقويتها وتنميتها، وتظهر الدعم لهم ولا تقلل من أهمية ما يقومون به، وتحاول مفاجأتهم بهدايا تتعلق بتلك الهوايات حتى لو لم تكن هناك مناسبة لتقديم تلك الهدايا.
7- الصدق والعدل: الأم الناجحة هي التي تعدل بين أبنائها ولا تميز بينهم إطلاقاً، وهي أيضاً التي تعترف بخطئها ولا تتردد أبداً في الاعتذار عما بدر منها. وبذلك فهي توصل رسالة لأبنائها بأن الجميع قد يخطئ، لكن الشخص الجيد هو الذي يعترف بخطئه ويعتذر عنه دون أن يضطر للكذب والعناد.
كيف تكونين أماً ناجحة؟
على الرغم من صعوبة الأمومة وكثرة المهام الملقاة على عاتق كل أم، إلا أن ذلك لا يعني أنها مهمة مستحيلة، حيث يمكن لكل أم بإتباع النصائح التالية أن تكون أماً ناجحة ومثالية:
الحب: لقد أثبتت جميع الدراسات والتجارب أن الحب هو الأسلوب الأمثل والأفضل في التربية. وهو الذي سيجعل طفلك يحترم كلامك ويؤمن به وينفذه. فبالإضافة إلى التشجيع والدعم المستمر على كل تصرف صالح يقوم به أظهري احترامك وتقديرك لمواهبه وحبك له في كل الأوقات.
النظام: إن وضع جدول زمني ليوم طفلك ومواعيد النوم والطعام واللعب والدراسة سيسهل عليك الأمر بشكل كبير وسيشعر الطفل بالحماية والالتزام . كما أن النظام سيقوده إلى التصرف بطريقة صحيحة ويوفر عليه العقاب. ومن الضروري جداً أن يتفق الوالدين على معايير وأنظمة معينة مشتركة تجنباً للازدواجية وحرصاً على شخصية الطفل من التشتت.
الانتباه: قومي بالانتباه والإصغاء لأحاديث وأحلام طفلك و منحه الاهتمام اللازم لكل ما يقوله، ونظراً لتغير مزاج وشخصية الطفل في كل مرحلة عليك استيعابه، واحتواء هذه التغيرات عن طريق الإصغاء له والتحدث معه. كوني مستمعة أمينة لطفلك مهما كان حديثه بنظرك سخيفاً، لذلك لابد أن توجدي طريقة مميزة للتحدث والتفاهم بطرق تتناسب مع عقله وطريقة تفكيره.
الثبات: عليك أن تعلمي جيداً أنه عند وضع مبدأ ثابت للتعامل مع الطفل عليك الثبات عليه وعدم التخلي عنه مهما حدث مع القليل من المرونة أحياناً. فمثلاً إذا طرأ أي تغيير على موعد نوم طفلك في يوم ما عليك أن تشرحي له أن السبب في تغاضيك عن موعد نومه هو مناسبة معينة أو ظرف طارئ وأن عليه أن يعود ويلتزم بالموعد المحدد ثانيةً. وإذا أجبرك الطفل بصراخه وبكائه على التخلي عن إحدى القواعد عليك عدم التخلي عنها بصورة دائمة بل عاودي الالتزام بالقاعدة مرة أخرى. وهذه المرونة تتبع مع الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات حيث تتحكم بهم رغباتهم ويصعب معهم الحوار بينما بعد الخامسة يمكن للطفل أن يفهم ويستوعب أكثر.
الاطلاع: عليك سيدتي أن تكوني على اطلاع دائم ودراية بكل تغيرات الطفل وتقلباته الجسدية والنفسية في كل مرحلة من المراحل العمرية والبحث عن المعلومات الصحيحة من مصادر موثوقة ومختصة كالأطباء والخبراء حيث يمكن للمصادر الأخرى أن تقدم لك نصائح ومعلومات غير صحيحة.
الراحة: بالتأكيد فإن تربية الأطفال وخاصةً في السنوات الأولى ستجعلك تشعرين بالتعب والإرهاق. لذلك لابد من أخذ قسط كافي من الراحة كي لا تشعري بالغضب والانزعاج نتيجة لطلبات طفلك الكثيرة. ولأن الطفل يمكن أن يترجم هذا الغضب على أنه منه و ينعكس هذا الأمر على شخصيته.
الثقة: كوني واثقة من نفسك وقدراتك وبطفلك أيضاً وعليك أن تكوني متأكدة بأنك تقومين بفعل الصواب طالما أنك تطبقين هذه القواعد وأنك جديرة بهذه المهمة رغم صعوبتها وبأنك ستؤدينها على أكمل وجه وستحصدين ثمارها في المستقبل.