الثقافة التنظيمية وأهميتها في إدارة الجودة الشاملة
الثقافة التنظيمية:
تعد الثقافة التنظيمية عنصراً أساسياً في المنظمات المعاصرة يفرض على القادة ومديريها أن يفهموا أبعادها وعناصرها الفرعية لكونها الوسط البيئي الذي تعيش فيه المنظمات، فالثقافة التنظيمية نتاج ما اكتسبه العاملون من أنماط سلوكية وطرق تفكير وقيم وعادات واتجاهات ومهارات تقنية قبل انضمامهم للمنظمة التي يعملون فيها، ثم تضفي المنظمة ذلك النسق الثقافي لمنسوبيها من خصائصها واهتماماتها وسياساتها وأهدافها وقيمها ما يحدد شخصية المنظمة ويميزها عن غيرها من المنظمات. ولاستيعاب دراسة مفهوم الثقافة التنظيمية وللاستفادة منه في حياة العاملين والمنظمات سيتطرق الباحث في هذا الجانب إلى مفهوم الثقافة التنظيمية وخصائصها وأهميتها وعلاقتها بالعمل وأنواعها ومكوناتها ووسائل تطويرها وتكوينها.
مفهوم الثقافة التنظيمية:
يعتبر مفهوم الثقافة من المفاهيم الشائعة في علم الأنثروبولوجيا حيث تعامل معه علماء الأنثروبولوجيا قبل مائة عام، ومع ذلك فقد اختلفوا في تحديد معناها. وفي عام 1952م جمع العالمان الأنثروبولوجيان كروبر وكلكهون ما يقارب من مائة وستة وأربعين تعريفاً لمفهوم الثقافة حيث شملت هذه التعاريف حقولاً متعددة مثل التاريخ، علم النفس، علم الوراثة وبعض الحقول الأخرى.
ولقد كان من بين هذه التعاريف تعريف تايلور الذي يرى من خلاله أن الثقافة كلُّ معقد يشتمل على مجموعة من المعلومات والمعتقدات والفن والقانون والأخلاق والعادات وأي قدرات أخرى اكتسبها الإنسان بحكم عضويته في المجتمع (هيجان، 1412هـ: 11). وعندما نتكلم عن الثقافة في الأنثروبولوجيا فإننا نشير إلى نماذج من السلوك والتطور الموجود في المجتمع والتي تعكس معلومات وأفكاراً وقيماً وطقوساً لهذا المجتمع.
ولمفهوم الثقافة في علم الأنثروبولوجيا عدة خصائص تمثل الأركان الأساسية لمفهوم الثقافة، وهذه الخصائص هي:
1- الثقافة عبارة عن نماذج.
2- الثقافة شيء يمكن تعلّمه.
3- الثقافة شيء قابل للانتقال بين المجتمعات.
4- الثقافة شيء يتحرك.
5- وأخيراً تكمن الثقافة في الرموز التي يوجدها الإنسان.
مستويات الثقافة التنظيمية
1-المستوى المادي (الفيزيائي):
– اللغة المستعملة، الوثائق والمطبوعات، التكنولوجيا المستعملة بالمؤسسة، المباني، الأثاث، الملابس، الألوان المستعملة، الأشكال الهندسية والتصاميم، الملابس، الشارات والرموز والصور، والأصوات وغير ذلك من الجوانب المحسوسة بمؤسسة ما.
– مثال: أشكال القاعات الدراسية بالجامعات.
2- مستوى القيم: يشمل هذا المستوى كل ما له قيمة عند أعضاء مؤسسة ما.
– القيم رغبات شعورية ووجدانية توجه سلوك الأفراد والجماعات في مؤسسة ما.
– يتطلب هذا المستوى درجة أعلى من الإدراك لفهم معاني القيم السائدة بمؤسسة ما، ولفهم كيفية تأثيرها في سلوك مختلف الأفراد وجماعات العمل بالمؤسسة.
– تستمد القيم التنظيمية أهميتها العملية من تأثيرها في السلوك التنظيمي ككل؛
– أمثلة: تأثيرها في السلوك الإنتاجي وفي إنشاء العلاقات الإنسانية وفي حضور المستخدمين وانصرافهم من المؤسسة في الأوقات المحددة تنظيميا وغير ذلك من أنماط السلوك.
3- مستوى الافتراضات:
– يشمل هذا المستوى الإفتراضات التي يضعها الأفراد والتي توجه سلوكهم.
– تقع الافتراضات تحت مستوى الشعور أو الوعي.
– تملي على الفرد كيف يفكر، وكيف يدرك العمل وما هو إحساسه وشعوره نحو العمل، وما هي أهداف أدائه.
– تحدد القضايا التالية:
أ- العلاقة مع بيئة العمل ومحيطه.
ب- فهم طبيعة الواقع والوقت في المؤسسة.
ج- فهم الطبيعة البشرية وكيفية التعامل معها داخل المؤسسة.
(مثال نظرية x & y).
د- فهم طبيعة العلاقات الإنسانية بين الرؤساء والمرؤوسين في مختلف المستويات التنظيمية، وبين زملاء العمل.
– ضرورة اتخاذ هذا الفهم للبدء في عملية بناء ثقافة تنظيمية في مؤسسة جديدة أو في عملية التغيير.
خصائص الثقافة التنظيمية.
تتصف الثقافة التنظيمية بمجموعة من الخصائص التي تستمدها من خصائص الثقافة العامة من ناحية، ومن خصائص المنظمات الإدارية من ناحية أخرى. ويمكن تحديد خصائص الثقافة التنظيمية بالآتي:
1- الإنسانية:
على الرغم من أن الدوافع الفطرية للمجتمع تجعل الإنسان لا ينفرد بتكوين المجتمعات، إلا أن الإنسان بقدرته العقلية على الإبتكار، والتعامل مع الرموز وإختراع الأفكار التي من شأنها إشباع حاجاته وتحقيق تكيفه مع بيئته، وإنتقاء القيم والمعايير التي تحدد سلوكه, أصبح الكائن الوحيد الذي يصنع الثقافة ويبدع عناصرها, ويرسم محتواها عبر العصور، والثقافة بدورها تصنع الإنسان وتشكل شخصيته. ويعتبر العنصر الإنساني هو المصدر الرئيس للثقافة، وبدونه لا تكون هناك ثقافة.
والثقافة التنظيمية لها سمة الإنسانية, فهي تتشكل من المعارف والحقائق والمدارك والمعاني والقيم, التي يأتي بها الأفراد إلى التنظيم، أو التي تتكون لديهم خلال تفاعلهم مع التنظيم.
2- الإكتساب والتعلم:
الثقافة ليست غريزة فطرية, ولكنها مكتسبة من المجتمع المحيط بالفرد، فلكل مجتمع إنساني ثقافة معينة محددة ببعد زماني وآخر مكاني، والفرد يكتسب ثقافته من المجتمع الذي يعيش فيه، والأوساط الإجتماعية التي ينتقل بينها سواء في الأسرة أم المدرسة أم منظمة العمل. ويتم إكتساب الثقافة عن طريق التعلم المقصود أو غير المقصود، ومن خلال الخبرة والتجربة، ومن خلال صلاته وعلاقاته وتفاعله مع الآخرين.
وتكتسب الثقافة, من خلال التفاعل والإحتكاك بين الأفراد في بيئة معينة، وقد تكتسب الثقافة في المدرسة والعمل، وعندما يكتسبها الفرد في المنظمة تصبح جزءًا من سلوكه، ومن خلالها نستطيع التنبؤ بسلوك الأفراد معتمدين على ثقافتهم.
والثقافة التنظيمية مكتسبة من خلال تفاعل الفرد في المنظمة بعامة أو في أي قسم أو إدارة منها بصفة خاصة، فيتعلم من رؤسائه ومن قادته أسلوب العمل، والمهارات اللازمة للعمل، والطريقة التي يتعاون بها مع زملائه، ومن خلال هذا التفاعل يكتسب الأفكار والقيم وأنماط السلوك المختلفة, التي يشبع من خلالها طموحاته, ويحقق من خلالها أهدافه وأهداف المنظمة.
3- الإسـتمرارية:
تتسم الثقافة بخاصية الإستمرار, فالسمات الثقافية تحتفظ بكيانها لعدة أجيال, رغم ما تتعرض له المجتمعات أو المنظمات الإدارية من تغيرات مفاجئة أو تدريجية.
وعلى الرغم من فناء الأجيال المتعاقبة، إلا أن الثقافة تبقى من بعدهم لتتوارثها الأجيال، ويتناقلها الأبناء عن الآباء والأجداد، وتصبح جزءًا من ميراث الجماعة. ويساعد على إستمرار الثقافة قدرتها على الإشباع، وإراحتها للنفس، وإرضاؤها للضمير، وإشعار الفرد بأنه مقبول في الجماعة.
بجانب تزويد الأفراد بالحد الأدنى من التوازن, وهذا الإشباع هو الذي يدعم إستمرار العادات والتقاليد وطرق التفكير والأنماط السلوكية، ويؤدي الإشباع إلى تدعيم القيم والخبرات والمهارات. وعلى الرغم من تواجد الثقافة التنظيمية لدى الأفراد, إلا أنها تستمر في تأثيراتها على إدارة المنظمات الإدارية, حتى بعد زوال جيل من العاملين، وذلك لإنتقالها من جيل إلى آخر, متى كانت قادرة على إشباع حاجات العاملين، وتحقيق أهداف المنظمة التي يعملون فيها. ويترتب على إستمرار الثقافة تراكم السمات الثقافية وتشابكها وتعقدها.
4- التراكمية:
يترتب على إستمرار الثقافة تراكم السمات الثقافية خلال عصور طويلة من الزمن، وتعقد وتشابك العناصر الثقافية المكونة لها، وإنتقال الأنماط الثقافية بين الأوساط الإجتماعية المختلفة. وتختلف الطريقة التي تتراكم بها خاصية ثقافية معينة على الطريقة التي تتراكم بها خاصية ثقافية أخرى, فاللغة تتراكم بطريقة مختلفة عن تراكم التقنية، والقيم التنظيمية تتراكم بطريقة مختلفة عن تراكم أدوات الإنتاج، بمعنى أن الطبيعة التراكمية للثقافة تلاحظ بوضوح العناصر المادية للثقافة, أكثر منها في العناصر المعنوية للثقافة.
5- الإنتقائية:
أدى تراكم الخبرات الإنسانية, إلى تزايد السمات الثقافية والعناصر المكونة لها بصورة كثيرة ومتنوعة تعجز معها الأجيال البشرية عن الإحتفاظ بالثقافة في ذاكراتها كاملة. وهذا فرض على كل جيل أن يقوم بعمليات إنتقائية واسعة من العناصر الثقافية التي تجمعت لديه بقدر ما يحقق إشباع حاجاته وتكيفه مع البيئة الإجتماعية والطبيعية المحيطة بها. حيث أن المجتمع الإنساني, يتميز بقدرته على إنتقاء الخبرة من رصيدها المتراكم عبر الأجيال, مكونًا بها رأس المال الذي يتعامل به الإنسان في إنتقاله من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرجولة الإجتماعية.
ومما لا شك فيه, أن الخبرات التي مرت بها المنظمات الإدارية, تشكل تراكماً ثقافياً يخضع لعمليات إنتقاء للعناصر الثقافية التي يتأثر بها القادة، والعاملون في تلك المنظمات. فكل قائد ينتقي من العناصر الثقافية, ما يزيد من قدرته على التكيف والتوافق مع الظروف المتغيرة, التي تواجه المنظمة التي يعمل فيها.
6- القابلية للإنتشار:
يتم إنتقال العناصر الثقافية بطريقة واعية داخل الثقافة نفسها, من جزء إلى أجزاء أخرى، ومن ثقافة مجتمع إلى ثقافة مجتمع آخر، ويتم الإنتشار مباشرة عن طريق إحتكاك الأفراد والجماعات بعضها ببعض داخل المجتمع الواحد، أو عن طريق إحتكاك المجتمعات بعضها ببعض. وهذا الإنتشار يكون سريعًا وفعالا عندما تحقق العناصر الثقافية فائدة للمجتمع, وحينما تلقى قبولا واسعًا من أفراد المجتمع, لقدرتها على حل بعض مشكلاتهم أو إشباع بعض حاجاتهم. وبصفة عامة تنتشر العناصر المادية للثقافة بسرعة أكبر من إنتشار العناصر المعنوية لها.
وتنتشر الثقافة التنظيمية بين المنظمات الإدارية, وداخل الوحدات الإدارية بالمنظمة الواحدة، كما أن إنتقال الهياكل التنظيمية والإجراءات والأنماط القيادية, يتم بصورة أسرع من إنتقال المفاهيم والإتجاهات والعادات السلوكية وغيرها, مما يتصل بأنماط السلوك التنظيمي.
7- التغـير:
تتميز الثقافة بخاصية التغير, إستجابة للأحداث التي تتعرض لها المجتمعات, وتجعل من الأشكال الثقافية السائدة غير مناسبة لإشباع الإحتياجات التي تفرضها التغيرات الجديدة، فيحدث التغير الثقافي بفضل ما تضيفه الأجيال إلى الثقافة من خبرات وأنماط سلوكية، وبفضل ما تحذفه من أساليب وأفكار وعناصر ثقافية غير قادرة على تحقيق التكيف للمجتمع.
وتتأثر بالتغييرات البيئية والتكنولوجية، ولكن عملية تغييرها تواجه صعوبة في كثير من الأحيان, لأن الفرد تعود على سلوك معين وعلى قوانين وأنظمة معينة.
ويحدث التغير في كافة العناصر الثقافية مادية ومعنوية، غير أن إقبال الأفراد والجماعات, وتقبلهم للتغير في الأدوات والأجهزة والتقنيات, ومقاومتهم للتغير في العادات والتقاليد والقيم, يجعل التغير الثقافي يحدث بسرعة في العناصر المادية للثقافة، وببطء شديد في العناصر المعنوية للثقافة, مما يتسبب في حدوث ظاهرة التخلف الثقافي.
9- نظام مركب:
يتكون من مجموعة من العناصر تتفاعل مع بعضها البعض, وتشمل الثقافة كنظام مركب العناصر الثلاثة التالية: الجانب المعنوي ( النسق المتكامل من القيم والأخلاق والمعتقدات والأفكار)، الجانب السلوكي (عادات وتقاليد أفراد المجتمع، والآداب والفنون)، والجانب المادي ( كل ما ينتجه أعضاء المجتمع من أشياء ملموسة, كالمباني والأدوات).
8- التكامل:
تميل المكونات الثقافية إلى الإتحاد والإلتحام, لتشكل نسقًا متوازنًا ومتكاملا مع السمات الثقافية, ليحقق بنجاح عملية التكيف مع التغيرات المختلفة التي تشهدها المجتمعات.
وتكمن أهمية الثقافة التنظيمية في المنظمات في الأوجه التالية:
أولًا ـ دليل للإدارة والعاملين:
حيث تشكل لهم نماذج السلوك والعلاقات التي يجب اتباعها والاسترشاد بها، ويشير “المرسي وآخرون” إلى أن أهمية الثقافة التنظيمية تكمن في قيام الثقافة بدورها المرشد للأفراد والأنشطة في المنظمة؛ لتوجيه الفكر والجهود نحو تحقيق أهداف المنظمة ورسالتها، كذلك تقوم الثقافة بتحديد أسلوب وسرعة استجابة أفراد المنظمة لتحركات المنافسين واحتياجات العملاء بما يحقق للمنظمة تواجدها ونموها.
أيضًا تحقق التكامل الداخلي بين أفراد المنظمة من خلال تعريفهم بكيفية الاتصال فيما بينهم والعمل معًا بفاعلية، وتقوم بتحقيق التكيف بين المنظمة والبيئة الخارجية، من خلال تعريف العاملين باحتياجات ومتطلبات الأطراف في البيئية الخارجية ذوي العلاقة بالمنظمة.
وبناء على ما تقدم، يمكن القول بأن أهمية الثقافة التنظيمية تكمن في إيجاد الشعور والإحساس بالهوية بالنسبة للأعضاء، والمساعدة على خلق الالتزام بينهم كمرشد للسلوك الملائم، فهي بذلك تسهل من عملية الولاء التنظيمي، وتعزز استقرار وتوازن المنظمة كنظام اجتماعي، وتعمل كمنبه لتشكيل وإرشاد سلوك الفرد والجماعة.
ثانيًا ـ إطار فكري:
حيث توجه الثقافة أعضاء المنظمة الواحدة وينظم أعمالهم وعلاقاتهم وإنجازاتهم؛ لأن لها تأثيرًا واضحًا على الأداء، في مقارنة بين 18 شركة استطاعت تحقيق نجاح طويل المدى بـ 18 شركة لم تؤدِ جيدًا، وجد جيمس س.كوليني وجيري أي. بوراس: (أن العامل الأساسي في الشركات الناجحة هو أن يكون هناك ثقافة يشارك فيها الموظفون مثل هذه الرؤية القوية التي تجعلهم يعرفون في قلوبهم ما هو صواب لشركتهم).
وفي كتابهما عن العادات الناجحة للشركات ذات الرؤية تَمَّ وصف كيف أن شركات مثل ديزني وبروكتر آند جامبل استطاعت التكيف مع العالم المتغير من غير فقد رؤية القيم الجوهرية التي ترشد المنظمة، بعض الشركات تقوم بكتابة قيمها بحيث يمكن أن تنتقل للأجيال الجديدة من الموظفين.
ثالثًا ـ إطار تنظيمي:
فإن الثقافة بما تحويه من قيم، وقواعد سلوكية تحدد لهؤلاء العاملين السلوك الوظيفي المتوقع منهم، وتحدد لهم أنماط العلاقات بينهم وبين بعضهم، وبينهم وبين العملاء والجهات الأخرى التي تعاملون معها، حتى ملبسهم ومظهرهم واللغة التي يتكلمونها ومستويات الأداء، ومنهجيتهم في حل المشكلات تحددها ثقافة المنظمة وتدربهم عليها، وتكافئهم على أتباعها.
ويضيف “جاد الرب” فيقول: (تنمي الثقافة التنظيمية الاهتمامات الجماعية بدلًا من الاهتمامات الفردية).
ونظرًا لأهمية الثقافة التنظيمية وأثرها في كافة أنشطة المنظمة، يرى “أوت” أن الثقافة التنظيمية هي (المنظمة بحد ذاتها، وليست جزءًا منها)، ولذلك فإن على القياديين في المنظمات استشعار التوجهات الثقافية المحيطة بمنظماتهم، ووضعها في الحسبان، ونظرًا لما لها من أثر في تشكيل سلوك العاملين بالمنظمة وعاداتهم وتوقعاتهم؛ مما ينعكس سلبًا أو إيجابًا في كافة عمليات، وأنشطة المنظمة بشكل عام، وفي عمليات التدريب بشكل خاص، وفقًا لقوة الثقافة التنظيمية بالمنظمة، أو وضعها فيها.
رابعًا ـ ملمح مميز للمنظمة:
وهي كذلك مصدر فخر واعتزاز للعاملين بها، وخاصة إذا كانت تؤكد قيمًا معينة مثل: الابتكار والتميز والريادة والتغلب على المنافسين.
خامسًا ـ عنصر فعال ومؤيد للإدارة:
فهي تعد عنصرًا مساعدًا للإدارة على تحقيق أهدافها وطموحاتها، فمتى تكون الثقافة قوية، يقبلها غالبية العاملين بالمنظمة، ويرتضون قيمها وأحكامها وقواعدها، ويتبعون كل ذلك في سلوكياتهم وعلاقاتهم.
ولذا؛ يقول ممدوح جلال الرخيمي: (يعطي الكثير من المديرين الثقافة التنظيمية الأولوية، والاهتمام الكافي للثقافة التنظيمية في منظماتهم؛ لأنهم يعتبرون الثقافة كأصل هام، ففي بعض الدراسات تمت الإشارة إلى أن المنظمات التي لديها ثقافة متكيفة، تركز على إرضاء وإشباع الاحتياجات المتغيرة للعملاء والعاملين، وأصحاب الأسهم يمكنها أن تتجاوز بأدائها المنظمات التي لا توجد لديها مثل تلك الثقافة.
فالشركات التي لديها ثقافة قوية، وصحيحة يمكنها زيادة المبيعات عن الشركات التي لا يوجد لديها ثقافة سليمة، وعلى ذلك فالشركة الناجحة تحتاج أكثر من مجرد وجود استراتيجيات فعالة، حيث أن الشركة تحتاج إلى ثقافة جيدة تدعم تلك الإستراتيجيات).
سادسًا ـ تسهيل مهمة الإدراة وقادة الفرق:
فلا يلجأون إلى الإجراءات الرسمية، أو الصارمة لتأكيد السلوك المطلوب، وهذا ما يؤكده “جاد الرب” بقوله: (الثقافة التنظيمية الواضحة في أي منظمة، تمد الموظفين برؤية واضحة وفهم أعمق للطريقة التي تؤدي بها الأشياء).
سابعًا ـ ميزة تنافسية للمنظمة:
إذا كانت تؤكد على سلوكيات خلاقة كالتفاني في العمل وخدمة العميل، ولكنها قد تصبح ضارة إذا كانت تؤكد على سلوكيات روتينية: كالطاعة التامة، والالتزام الحرفي بالرسميات، ويضيف “جاد الرب” فيقول: (عندما تكون الخدمة هي أهم شيء تقدمة المنظمة، فإن ثقافة الخدمة تكون هي المعيار والمقياس الرئيس لنجاح المنظمة).
ثامنًا ـ عامل مهم في استجلاب العاملين الملائمين:
فالمنظمات الرائدة تجذب العاملين الطموحين، والمنظمات التي تبني قيم الابتكار والتفوق تستهوي العاملين المبدعين، والمنظمات التي تكافئ التميز والتطوير ينضم إليها العاملون المجتهدون الذين يرتفع لديهم دافع ثبات الذات.
تاسعًا ـ عنصر جذري يساعد في قابلية المنظمة للتغيير:
فكلما كانت قيم المنظمة مرنة ومتطلعة للأفضل، كانت المنظمة أقدر على التغيير، وأحرص على الإفادة منه، كلما كانت القيم تميل إلى الثبات والحرص والتحفظ، قلت قدرة المنظمة واستعدادها للتطوير.
كما يضيف “جاد الرب” فيقول: (تفيد بعض الدراسات أن التغيرات في الثقافة التنظيمية هي جزء أساسي ومتمم للجودة وتحسين الأداء، حيث يرى “كروسبي” أن الجودة تساهم في وضوح رسالة المنظمة، والتي تعتبر مفتاحًا رئيسيًّا للكفاءة التنظيمية).
عاشرًا ـ الصمام الرقابي على أداء العاملين والمنظمة بشكل عام:
وهي تحكم تفاعلها مع المجتمع المحلي والإقليمي، وهذا ما يمكن تسميته بالتكامل الثقافي، فيبرز “الكبيسي” أهمية أخرى للثقافة التنظيمية من خلال دورها في وضع الإشارات الحمراء التي لا تسمح للمنظمات بالمرور خلالها، وإلا فأنها تقترف ذنبًا، أو تتحمل خطيئة، إن لم تعرض نفسها لمسؤولية الوقوع بدائرة المحرمات.
ومن ثم تحتاج ثقافة المنظمة ـ كأي عنصر آخر في حياة المنظمات ـ إلى مجهودات واعية تغذيها وتقويها وتحافظ على استقرارها النسبي ورسوخها في أذهان العاملين وضمائرهم وإتباعهم لتعليماتها في سلوكهم وعلاقاتهم.
وأخيرًا نختم بقول جاسم بن فيحان الدوسري: (يتنامى الاهتمام بالثقافة التنظيمية في كثير من المنظمات ولدى الكثير من المديرين، لما لها من تأثير فعال على أداء الأفراد والأداء الكلي للمنظمة، ويؤكد على ذلك “بيترز وواترمن” بقولهما أنه وبدون استثناء، فإن هيمنة وسيادة وتماسك الثقافة في المنظمات الأكثر نجاحًا في الولايات المتحدة، أثبتت بأنها الجودة الأساسية للنجاح).