الإعلام ودوره في تشكيل وعي المواطن العربي للباحث : محمد علي عبد العزيز
مقدمة
لقد تعددت وتطورت وسائل الإعلام في السنوات الأخيرة تطورا هائلا بفضل التقدم العلمي والثورة التكنولوجية التي شهدها القرن العشرون فأصبحت تمارس دورا جوهريا محوريا نحو تشكيل وعي المواطن العربي عبر اثارة اهتمام الناس بالقضايا المطروحة.
اصبحت وسائل الإعلام مصدرا رئيسيا يلجأ اليه الجمهور في استقاء معلوماته عن كافة القضايا السياسية والثقافية والاجتماعية جراء الانتشار الواسع فهو – الإعلام- بقدرته علي الحراك ومخاطبة السواد الأعظم من التكوين المجتمعي بعد أن بات يمتلك امكانية لا سقف لها علي التأثير الذي ما يفتأ يؤتي أكله سواء بصورة مباشرة او عبر تشكيل الوعي الاجتماعي بطرق غير مباشرة وفي الحالتين يعمل بوتيرة متسارعة.
كما يمثل الإعلام عنصرا مؤثرا في حياة المجتمعات باعتباره الناشر والمروج الأساسي للفكر والثقافة ويسهم بفاعلية في عملية تشكيل الوعي الإجتماعي للمواطنين والمؤسسات التعليمية والمدنية بل إنه في كثير من دول العالم أحد ماكينات الثقافة عن طريقه التفاعل والتأثير الإنساني المتبادل.
وقد اكتسبت وسائل الإعلام في السنوات الأخيرة أبعادا جديدة زادت من قوة تأثيره علي المواطنين العرب واصبح الإعلام بوسائلة المتعددة ذا أهمية كبيرة في عالمنا المعاصر فلم يعد من الكماليات كما كان .
بعد ان دخل كل البيوت بلا استثناء فلا يكاد يخلو بيت من مجلة او تلفاز او راديو او اي من وسائل الإعلام حتي الهاتف النقال صار يبث اعلاما.
وآدي ذلك إلي قدرة وسائل الإعلام بمختلف مشاربها علي النفاذ إلي عقول الناس فأصبح الجميع ولا سيما الصغار يكتسبن القيم والاخلاقيات من خلالها وساعد في تعديل وتغير الكثير من العادات السلوكية والاجتماعية.
الهدف من البحث
استحوزت قضية الإعلام في السنوات الأخيرة علي اهتمام العديد من المفكرين والأكاديمين والباحثين لما لها من دور في تشكيل وعي الناس وشغفهم بالقضايا والمشكلات المطروحة ومن ثم عني الإعلام بالاسهام في تشكيل وعي المواطنين العرب من المحيط إلي الخليج من هذا المنطلق كانت رسالتي بعنوان “الإعلام ودوره في تشكيل وعي المواطن العربي”.
وتهدف إلي توضيح ذلك الدور وتسليط الضوء علي جناحيه الايجابي والسلبي وطرح رؤية لعلاج تلك المثالب نحو عمل يسعي لوطن عربي ناهض وقمت بتقسيم البحث إلي 5 ابواب رئيسية.
(الإعلام نور ونار – الإعلام بين قيمة سلبية ورسالة هادفة – الإعلام بين الحرية والتنمية – الكلمة والإعلام – الإشاعة والإعلام)
ملخص الدراسة:
لقد قمت في ثنايا بحثي هذا بتسليط الضوء علي جناحي الإعلام الإيجابي والسلبي وأوضحت ضلوع الإعلام في تشكيل وعي المواطن العربي وفقا لعدد من الأدلة والبراهين.
ولازلت اتساءل : ماذا نحن “كعرب” فاعلون أمام هذ السيل العرم من المثالب التي تمكنت من إعلامنا العربي فأصبحت سرطانا ينهش في جسده المثخن بجراحات ماضي أليم وحاضر خطير لا يجعلنا نستشرف سوي مستقبل ضبابي للعقل العربي الذي يشكله إعلام مضلل في “معظمه” إلا من رحم ربي فلو خليت لخربت.
ماذا نحن فاعلون هل نقف جميعا مكتوفي الأيدي مستسلمين كثيرة هي الابحاث والمؤتمرات والندوات التي تخطط وتشرح وتنظر لكنها في مجتمعاتنا العربية تظل حبيسة الادراج.
والجواب بلا شك لدي علماء هذه الأمة الفتية “العرب”أحفاد علماء علموا العالم بأسره فالبيروني والبغدادي والأدريسي وغيرهم علموا العالم علوم الفلك وابن وافد في الصيدلة والبيرودي والرازي وابن سينا في الطب وماتلك الاسماء الا غيض من فيض أسهم في حضارة ورقي البشرية واليوم يحتاج العقل العربي الاف من العلماء للتدخل بجراحة قسرية لاستئصال المرض السرطاني الذي أصاب العقل العربي.
خلصت من بحثي إلي عدد من المحددات الأساسية التي ينبغي علي الإعلاميين الأخذ بتلابيبها للوصول إلي رؤية تصلح ما أفسد (عن عمد وعن جهل وعن عدم خبرة )عبر عقود من الزمان:
- ضرورة أن يكون الإعلام قادرا علي تمثيل كافة الإتجاهات داخل المجتمع.
- من المهم ان تسمح وسائل الإعلام بشتي مشاربها بعرض تلك الجماعات لأفكارها من دون أية قيود من السلطة الحاكمة.
- لابد ان تكون وسائل الإعلام حارسا لقيم المجتمعات وتقاليدها.
- توفير المعلومات للشعوب العربية عبر إعلام بلدانهم وليس مستوردا من إذاعات وصحف غربية.
- إسهام وسائل الإعلام في تحقيق الوحدة الإجتماعية عن طريق تقاسم المعرفة.
- يجب ان ترفع بعض الحكومات العربية قيودها التي تكبل حرية الصحافة والإعلام.
التوصيات :
- علي العلماء والنخب المثقفة من أدباء وكتاب وأكاديمين إعادة النظر في تثقيف الناس وتنويرهم للتصدي للإعلام المضلل خصوصا كيفية مواجهة الشائعات عبر التوعية.
- علي البقية الباقية من إعلامنا العربي الجيد مخاطبة عقول البسطاء باللغة المناسبة لهم واحترام عقولهم من خلال الاستمرار في التناول الصادق والموضوعية والمنطق في نقل وتحليل الخبر.
- علي حكومتنا العربية الإهتمام بالتعلم الصحيح وغرس القيم الإيجابية والأفكار البناءة وحرية الإبداع.
- توفير الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني معها يدا بيد الحد الأدني من الاحتياجات لشباب الوطن العربي عبر توفير الأمان والحوار والاهتمام بهم من كافة الجوانب.
- علينا التصدي للإعلام المضلل بالإيمان حتي لا يتملكنا الخوف والرعب.
- إعادة بناء النظم الإعلامي الحكومي علي أساس تحويله من كونه إعلاما موجها ذات تبعية مطلقة للدولة إلي نظام إعلام الخدمة العامة المطبق في العديد من الدول الأوروبية الديمقراطية.
- نظرالإعلام إلي الشباب نظرة مستقبلية واعية وعدم إغراقهم ببرامج المسابقات والمنوعات التي تركز علي الجانب الترفيه فقط وتترك كيفية الإسهام في بناء عقول الشباب.
- لابد من توافر وسائل الإعلام العربية منابر حرة تحتضن كل وجهات النظر السياسية والثقافية والإجتماعية ولأطراف الحياة العامة.