الإرهاب والحرب الإلكترونية -د/مها فؤاد
تعاني مجتمعاتنا المعاصرة من شيوع ظاهرة الإرهاب، وما الدّماء التي تسيل في بلدان عديدة إلاّ دليل على تنامي تلك الظّاهرة المشؤومة التي ألقت بظلالها القاتمة على المشهد الإنساني العربي، والإسلامي، والعالمي، والحقيقة أنّ الإرهاب ليس حكرًا على ديانة معيّنة ، فالإرهاب هو وليد أفكار مشوّهة، وعقول سقيمة، ضلّت الطّريق وتاهت عن البوصلة الصّحيحة، وتعد مكافحة الارهاب بمثابة حرب بطيئة تتضمن جوانب متعددة، وتأتي علي رأسها الاُطر الثقافية، والتعليمية، والدينية، وهي اُطر تحتاج لحوار ومشاركة مجتمعية حقيقية .
نحن ليس بحاجه لتعريف إن الإسلام يرفض المنهج المتطرّف الذي تتبعه جماعاتٌ لا تمثّل صحيح الدّين، فالإرهاب الذي يشكّل عنواناً لعمل تلك الجماعات المتطرّفة التي تقوم بالعمليات الإرهابيّة في العالم العربي والغربي، هو عمل منبوذًا من قبل المسلمين والإنسانية جميعها ، وأن الإسلام يتبرّأ في كلّ مكانٍ من هذا المنهج الذى يبيّنون مخالفته للدّين الإسلامي مخالفةً كاملة صريحة لا شكّ فيها، فإن الإسلام يتميز بسماحته ومنهجه الحكيم في الدّعوة، بل ببيان الضّوابط التي تحكم قتال المسلمين لغيرهم حيث لا يقتل المسلم شيخاً أو طفلاً أو امرأة أو راهباً في صومعته، ولا يهدم بنياناً من غير ضرورة، ولا يفسد في الأرض، ولا يقطع الطّريق، ولا يبثّ الرّعب في النّفوس، ولا يغدر ولا يمثّل بقطع الرّؤوس والفخر بذلك على شاشات الفضائيّات، ووسائل الإعلام التي تنتظر بكلّ لهفةٍ نشر مشاهد القتل والتّرويع التي تسيء إلى الإسلام وأهله , فالمسلم يسعى لأن يهدي الخلق أجمعين إلى الإسلام الصّحيح ومنهج التّوحيد الخالص .
حيث ينبغى الاعتماد على الجانب الفكري في محاربة التنظيمات الارهابية , والتركيز على ان الاسلام دين يرفض العنف والكراهيه ويرفض استهداف المسلمين او المسيحيين او الاقليات الدينية وهو دين التسامح ، والتأكيد على ضرورة محاربة هولاء المجرمين الذين يهددون استقرار اوطاننا ومستقبل شبابنا , وفى اطار مواجهه الفكر ينبغى معرفة ضرورة التركيز على الجوامع بين مختلف الاديان من خلال العودة الى الاصول والجوهر والروح المشتركة بين الاديان , ومنع تسلل الترهيب الى الخطاب وضرورة احترام الرأي والراي الاخر.
بالإضافة تعظيم اصوات الاعتدال حيث الاصوات الارهابية المتطرفة، تستغل بعض وسائل الاعلام المتطرفة وبعض وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الجهل. وضرورة ضبط وسائل الاعلام المتعددة بموجب قانون خاص يضمن حرية الفكرولكن بموجب ضوابط قانونية , وعلينا العلم ان ما نواجهه هى حرب إلكترونية شرسة , والتى لها اشكال وطرق كثيرة , حيث تستخدام جُملة من الممارسات والإجراءات التي تسعى لإلحاق الخلل والعطل بالأنظمة والوسائل الإلكترونية الخاصة بالدول والجتمعات ، بالإضافة إلى تحقيق الحماية للذَّات من الاستطلاع الإلكتروني المعادي ومقاومته، وتحقيق الاستقرار للنُّظم الإلكترونيّة الصديقة , وحرب البيانات التى تقتصر على استغلال البيانات دون إلحاق الدمار بها، وتنتهي فور توقّف تبادل البيانات بين طرفي الاتصال.
كما ينبغى كشف دوافع هؤلاء المتطرفين والخوارج وحبهم للسلطة والسيطرة على عقول وافكار الناس باستخدامهم الدين كقناع لخدمة اهدافهم الشخصية ,وإبراز الصورة الحقيقية للاسلام التى تهدف الى اظهار قييم الاسلام الانسانية وروحه السمحة الحريصة على ما يكرم الانسان، وان الاسلام دين قائم على التوازن والوسطية ، ويحمل رسالة سلام ومحبة جاءت لترسي دعائم الحق وتقيم موازين العدل والانصاف بين الناس.
وفي النهاية يتطلب مواجهة التطرف والغلو ، جهودا وفكر وخطط استراتيجية مشتركة تشمل كل الجوانب التى تتعلق بهذه الظاهرة سواء تربويا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا ودينيا واعلاميا. ولابد من دراسة المحور المادي الذي يدعم الارهاب بوسائلة المختلفة وتجفيف هذا الدعم ومحاربته.
تم نشر هذا المحتوي علي جريدة عالم التنمية برعاية
أكاديمية “بناة المستقبل” الدولية
برئاسة أم المدربين العرب – الدكتورة “مها فؤاد” مطورة الفكر الإنساني
و” المنظمة الامريكية للبحث العلمي”
www.us-osr.org