اسباب ممارسة إدارة «الجذب» – د. مها فؤاد
لقد بدأت الجهات تعتمد على األساليب واألدوات المبتكرة وغير التقليدية لجذب الكفاءات واستقطابها والحفاظ عليها. فإضافة إلى اإلعالن عن الشواغر في الصحف وعبر وكاالت التوظيف، أصبحت تستغل التكنولوجيا بالشكل األمثل بما فيها مواقع التواصل اإلجتماعي والتطبيقات الذكية، وذلك لمواكبة العصر، وكذلك للوصول إلى شريحة أكبر من المواهب. هذا وقد غدت الجهات تراعي عوامل عدة أثناء عملية الجذب ً واالستقطاب
منها على سبيل المثال الحصر اختيار الكفاءات بناء على معايير واضحة يمكن قياسها عبر استخدام طرق علمية موثوقة، والتركيز على تساوي فرص ُ العمل والتطوير المتاحة للجنسين، واالهتمام بفئة ذوي اإلعاقة بحيث يستفاد من مهاراتهم في خدمة المجتمع، وتوفير كل ما يدعم فئة الشباب لتحقيق طموحاتهم ً العملية وكذلك فئة الموظفين من أصحاب الخبرات الطويلة الذين يشكلون منبعا للمعرفة، أما فيما يخص الحفاظ على الكفاءات، فقد أدركت الجهات بأن موظفي اليوم ال يتطلعون فقط إلى الكسب المالي بل كذلك يبحثون عن بيئة العمل التي توفر لهم التوازن بين حياة العمل والحياة الخاصة، وتلك التي تدعم مسيرتهم المهنية، عبر توفير فرص النمو الوظيفي.
إن نسبة مئوية متزايدة من العمل اليوم تعتمد على لطف الغرباء. وإن نجاحك كقائد مرتبط بقدرتك على جذب الناس، والعديد منهم قد لا تلتقي بهم إطلاقاً، ليقوموا بما هو أكثر من المطلوب. وإن الجهود المتروكة لتقدير المرء هي الدم الذي يجري في عروق اقتصاد اليوم. وبينما نسير باتجاه نماذج النشاط العملي التي تعتمد على الابتكار، والتعاون، والخبرة الفردية، والحرفية، علينا أن نبتعد عن المفاهيم التقليدية المتعلقة بالمسؤوليات الرئيسة لكبار الرؤساء التنفيذيين. وبالنظر إلى العديد من السنوات الماضية التي قضيتها في البحث والدراسة، يظهر استنتاج واحد بصورة بارزة: لا يمكنك أن تجبر أي شخص على التعاون والابتكار. ولا توجد علاقة بين تقنيات الإدارة التقليدية الضاغطة، ورغبة الناس في مواجهة التحديات بنشاط، وطاقة، وفخر أكبر.
إن تشجيع عدد أكبر من الناس على قطع شوط أبعد، هو مهمة أساسية للقائد. وقد ولّى الزمان الذي كان فيه التحدي الإداري الأساسي هو التأكد من أن العاملين أدوا المهام بصورة متناغمة، وموثوقة. ونحن في حاجة إلى مناهج «الجذب»، المجهّزة لتشجيع الأفراد على مشاطرة أفكارهم باتساع أكبر، وبصورة بنّاءة، بهدف دفع حدود ما هو ممكن. وتروي الإحصاءات قصة أخّاذة. إن العدد الإجمالي للوظائف المنتجة للسلع تراجع بصورة حادة في الولايات المتحدة، من 36 في المائة من الوظائف كافة قبل 50 عاماً، إلى 15 في المائة في الوقت الراهن.
وقد ارتفعت الوظائف المتعلقة بالتعليم، والصحة من 5 في المائة في اقتصاد الولايات المتحدة في عام 1959، إلى 14 في المائة في الوقت الراهن، وارتفعت الخدمات المهنية وفي مجال النشاطات العملية، من 7 في المائة إلى 13 في المائة. وطالما أن أغلب الوظائف التصنيعية تتطلب أن يوجد الموظفون في المكان، والزمان نفسيهما، فمن السهل معاينة النشاطات العملية بسهولة من قبل المشرف. أما العمل المرتكز على المعرفة، من ناحية أخرى، فغالباً ما ينجز واقعياً ، ودون الحاجة إلى توافق زمني، الأمر الذي يصعّب الحكم على أداء الأفراد.
غالباً ما يتم تقييم الجودة بعد الانتهاء من العمل. ونحن نعتمد على الأفراد ليقدموا أفضل ما عندهم في حين يكون العمل جارياً. وقارن منهجية القيادة المتبعة لديك مقابل هذه التغييرات الديناميكية. فهل من المرجح أن يضم أسلوبك لطف الغرباء؟ وكيف يمكن أن تكون القائد الذي يجذب الآخرين ليسهموا بمستويات أكبر في الجهد التقديري؟ فيما يلي ثلاث صفات أضعها على رأس القائمة: شيّق، ومثير: قادر على أسر خيال الناس، وتوليد الإثارة. قادر على تحمل الغموض: منفتح على تقبل مدى واسع من الأفكار، ويحترم وجهات النظر المتباينة. جدير بالتصديق: يقدّم صفقات متناسقة، ويفي بالالتزامات بصورة موثوقة.